ما لـي سـوى قرعـي لبابـكiiحيلـة فلـئـن رُددتُ فــأي بـــابiiأقـــرع؟
وللدعاء أسباب وشروط ينبغي مراعاتها والأخذ بها حتى يكون الدعاء
مقبولاً مستجاباً، وله موانع تمنع إجابته، وهذه هي بعضها :
يأتي في مقدمة شروط قبول الدعاء الإخلاص لله، وإفراده سبحانه بالقصد
والتوجه، فلا يدعو العبد إلا الله، ولا يسأل أحداً سواه،
{ فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ }
{ وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا }
ـ الاطمئنان واليقين بقبول الدعاء :
من أسباب قبول الدعاء قوة اليقين بقبول واستجابة الله ـ عز وجل ـ له،
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة )
فعلى المسلم أن يطمئن ولا يتردد، ولا يستعجل الإجابة،
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئتَ، ارحمني إن شئت،
ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء، لا مُكْرِهَ له )
ـ الخوف والرجاء وخفض الصوت في الدعاء :
{ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *
وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }
، ويُستنبط من ذلك وجوب الخشوع والتضرع والرجاء في الدعاء .
{ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً }
قيل معناه: تذللا واستكانة،
{ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا }:
خوفا مما عنده من وبيل العقاب، وطمعا فيما عنده من جزيل الثواب "
وعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال:
رفع الناس أصواتهم بالدعاء،
فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( أيها الناس، ارْبَعُوا (هونوا وأشفقوا) على أنفسكم، فإنكم
لا تدعون أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إنكم تدعون سمعيا قريبا، وهو معكم )
أمرنا الله ـ سبحانه ـ بذلك فقال:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً
وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه
ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
( أيها الناس !، إنَّ الله طيب لا يقبل إلاّ طيبًا، وإن الله
أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال :
{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }
، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبرَ ، يمدُّ يدَيه إلى السماء
يا ربِّ يا ربِّ ! ومطعمُه حرامٌ ، ومشربُه حرامٌ ، وملبسُه حرامٌ ،
وغُذِيَ بالحرامِ ، فأنَّى يُستجابُ لذلك )
ـ الدعاء بالخير وعدم الاستعجال :
عن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه
ـ أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
( ما على الأرضِ مسلِمٌ يدعو اللَّهَ تعالى بدعوةٍ إلَّا آتاهُ اللَّهُ إيَّاها،
أو صرفَ عنْهُ منَ السُّوءِ مثلَها، ما لم يدعُ بمأثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ،
فقال رجلٌ منَ القوم: إذًا نُكثرُ، قال: الله أَكثَرُ )
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه
ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم،
ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟، قال: يقول:
قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك
عدم الإخلاص فيه، لأن الله تعالى يقول:
{ فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ }
{ وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا }
، فالذين يدعون أصحاب القبور والأضرحة والأولياء والصالحين،
أو يشركونهم مع الله في دعائهم، فهؤلاء لا يستجيب الله دعاءهم، فالله ـ
سبحانه ـ أمرنا أن ندعوه مباشرة من غير واسطة أحد،
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }
ـ أكل الحرام وشرب الحرام ولبس الحرام :
من أعظم موانع استجابة الدعاء أكل وشرب ولبس الحرام،
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ
ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يده إلى السماء يا رب،
يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام،
وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك )
من موانع قبول الدعاء أن يدعو الإنسان وقلبه غافل عن ذكر الله وطاعته،
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ
أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة،
واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه )
ـ عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
من أسباب عدم قبول الدعاء ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فعن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه
ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر
أو ليوشكن أن يبعث عليكم عذابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم )
ـ الدعاء بإثمٍ وشَرّ، واستعجال القبول :
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ
أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم،
ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟، قال: يقول:
قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك
( لا يزالُ يُستجابُ للعبدِ ما لَمْ يَدْعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحِمٍ ما لَمْ
يستعجِلْ، قيل : يا رسول الله ما الاستعجال؟، قال: يقول: يا ربِّ
قد دعَوْتُ وقد دعَوْتُ فما أراكَ تستجيبُ لي، فيدَعُ الدُّعاءَ ) .
" ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء: أن يتعجل العبد ويستبطئ الإجابة
فيستحسر ويدَعَ الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل
يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله " .
صاحب المعصية يتسبب في حرمان نفسه من النعم التي من جملتها
استجابة الدعاء، فإن المرء قد تصيبه المصيبة ويُحرم النعمة بسبب ذنب
{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }
قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ :
" بالورع عمَّا حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح "،
" لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي " ..
نحن ندعو الإله في كل كربٍ ثم ننساه عند كشف الكروب
كيف نرجو إجابةً لدعاءٍ قد سددنا طريقها بالذنوب
وقد ذكر ابن القيم بعض الأسباب المانعة من إجابة الدعاء فقال:
" وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول
المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه، إما لضعفه في نفسه ـ بأن يكون
دعاء لا يحبه الله، لما فيه من العدوان ـ وإما لضعف القلب وعدم إقباله
على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا،
فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا، وإما لحصول المانع من الإجابة:
من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة
والشهوة واللهو، وَغَلَبَتِهَا عَلَيْهَا " ..
ومرَّ إبراهيم بن أدهم بسوق البصرة يوماً فالتف الناس حوله، وقالوا يا
أبا إسحاق ! يرحمك الله، مالنا ندعو الله فلا يُستجاب لنا؟، فقال إبراهيم :
لأنكم أمتم قلوبكم بعشرة أشياء: عرفتم الله فلم تؤدوا حقوقه، وزعمتم حب
رسوله ولم تعملوا بسنته، وقرأتم القرآن ولم تعملوا به، وأكلتم نِعَم الله
ولم تؤدوا شكرها، وقلتم بأن الشيطان لكم عدو ولم تخالفوه، وقلتم بأن
الجنة حق ولم تعملوا لها، وقلتم بأن النار حق ولم تهربوا منها، وقلتم بأن
الموت حق ولم تستعدوا له، ودفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم، وانتبهتم من
نومكم فانشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم " .
وما ورد من بعض الأسباب والذنوب التي تحول دون استجابة الدعاء،
ينبغي أن يُحمل على الذنوب التي لم يتب منها صاحبها توبة نصوحاً، لأن
التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتوبة النصوح تجب ما قبلها، فإذا
صدق العبد، وتاب إلى ربه من ذنوبه المانعة من استجابة دعائه، كان ذلك
سببًا - بإذن الله - في استجابة دعائه
هذه بعض أسباب قبول الدعاء وعدم قبوله، فاحرص أخي المسلم أن
تستجيب لله تعالى، وأن يكون حالك مع أمر الله الامتثال والطاعة، ومع
نهيه الاجتناب والبعد، واستفتح دعاءك بالثناء على الله تعالى،
والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وتحرَّى أوقات الإجابة في
وقت السحر(الثلث الأخير من الليل)، وفي السجود فأقرب ما يكون العبد
من ربه وهو ساجد، وعند الأذان، و بين الأذان والإقامة، وآخر ساعة
من نهار يوم الجمعة .. واستقبل القبلة في دعائك، وارفع يديك في ذلٍ
وتضرع، مع عدم رفع الصوت وتكلف السجع، واعلم أن دعاء المسلم
لأخيه بظهر الغيب لا يُرد .. فحقِّق في نفسك أسباب وشروطً قبول الدعاء،
وابتعد عن أسباب وموانع إجابة الدعاء، حتى يكون دعاؤك مقبولاً .
يا من أجاب دعاء نوحٍ فانتصَر وحَملْته في فُلككَ المشحونِ
يا من أحال النَّار حول خليله رَوحاً وريحاناً بقولك كوني
يا من أمرتَ الحوت يلفظ يونس وحميته بشجيرة اليقطينِ
يا رب إنَّا مثله في كُربةٍ فارحم عباداً كلهم ذو النون