[ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور، حين بلغه إقبال أبي سفيان.
قال: فتكلَّم أبو بكر فأعرض عنه، ثمَّ تكلَّم عمر فأعرض عنه،
فقام سعد بن عبادة، فقال: إيَّانا تريد، يا رسول الله؟
والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نُخِيضَها البحرَ لأخَضْناها،
ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بَرْكِ الغماد لفعلنا ]
[ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث،
تطييبًا لقلوبهم؛ ليكونوا فيما يفعلونه أنشط لهم ]
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لكلِّ عمل شِرَّة، ولكلِّ شِرَّة فَتْرة، فمن كانت فَتْرته إلى سنَّتي،
فقد أفلح، ومن كانت إلى غير ذلك، فقد هلك )
وعن عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه قال:
[ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السَّمع والطَّاعة في العسر
واليسر، والمنْشَط والمكْرَه، وعلى أَثَـرَة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله،
وعلى أن نقول بالحقِّ أينما كنَّا، لا نخاف في الله لومة لائم ]
[... والمنْشَط والمكْرَه، يريد: وقت النَّشَاط إلى امتثال أوامره،
ووقت الكراهية لذلك. ولعلَّه أن يريد بالمنْشَط: وجود السَّبيل إلى ذلك،
والتَّفرُّغ له، وطِيب الوقت، وضعف العدو ]
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول:
( اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهَـرَم،
وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من عذاب القبر )
فالنَّبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوَّذ من الكسل، والذي هو ضدَّ النَّشَاط.
[ الكَسَل: ترك الشَّيء، مع القُدْرة على الأخذ في عمله ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه،
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد،
يضرب مكان كلِّ عقدة: عليك ليل طويل، فارقد، فإن استيقظ فذكر الله،
انحلَّت عقدة، فإن توضأ انحلَّت عقدة، فإن صلَّى انحلَّت عقده،
فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان )
[ قوله صلى الله عليه وسلم: فأصبح نشيطًا طيب النفس. معناه لسروره
بما وفَّقه الله الكريم له من الطاعة، ووعده به من ثوابه،
مع ما يبارك له في نفسه، وتصرفه في كلِّ أموره،
مع ما زال عنه من عقد الشيطان وتثبيطه ]
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد،
وحبل ممدود بين ساريتين، فقال: ما هذا الحبل؟
فقيل: يا رسول الله، هذه حَمْنة بنت جحش، تصلِّي، فإذا أعْيت،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتصلِّ ما أطاقت، فإذا أعْيت،
فقالوا: لزينب، تصلِّي، فإذا كَسِلت أو فَتَرت، أمسكت به.
فقال: ليصلِّ أحدكم نشاطه، فإذا كَسِل أو فَتَر فليقعد )
[ فيه: الحثُّ على الاقتصاد في العبادة، والنَّهي عن التَّعمُّق،
والأمر بالإقبال عليها بنشاط ]