عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-12-2010, 01:22 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



فقام إليه الشيخ الكبير فقال له : يا خرساني ، قلت لك أول أمس امنح من وجده


مائة دينار فأبيت ، ثم عشرة فأبيت ، فهلا منحت من وجده دينارا واحدا ،

يشتري بنصفه إربة يطلبها ، وبالنصف الأخر شاة يحلبها ،

فيسقى الناس ويكتسب ، ويطعم أولاده ويحتسب .


قال الخرسانى : لا أفعل ولكن أحيله على الله وأشكوه لربه يوم نلقاه ،

وحسبنا الله ونعم الوكيل .


فجذبه الشيخ الكبير ، وقال له : تعال يا هذا وخذ دنانيرك ودعني أنام الليل ،

فلم يهنأ لي بال منذ أن وجدت هذا المال .


يقول ابن جرير : فذهب مع صاحب الدنانير ، وتبعتهما ، حتى دخل الشيخ منزله ،

فنبش الأرض وأخرج الدنانير

وقال : خذ مالك ، وأسأل الله أن يعفو عنى ، ويرزقني من فضله .



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


فأخذها الخرسانى وأراد الخروج ، فلما بلغ باب الدار ،

قال : يا شيخ مات أبي رحمه الله وترك لى ثلاثة آلاف دينار ،

وقال لي : أخرج ثلثها ففرقه على أحق الناس عندك ،

فربطتها في هذا الكيس حتى أنفقه على من يستحق ،

والله ما رأيت منذ خرجت من خرسان إلى ههنا رجلا أولى بها منك ،

فخذه بارك الله لك فيه ، وجزاك خيرا على أمانتك ،

وصبرك على فقرك ، ثم ذهب وترك المال .


فقام الشيخ الكبير يبكى ويدعو الله ويقول :

رحم الله صاحب المال في قبره ، وبارك الله في ولده .


قال ابن جرير : فوليت خلف الخراساني فلحقني أبو غياث وردني ،

فقال لي إجلس فقد رأيتك تتبعني في أول يوم وعرفت خبرنا بالأمس واليوم ،

سمعت أحمد بن يونس اليربوعي يقول :

سمعت مالكا يقول : سمعت نافعا يقول :

عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

لعمر وعلي رضي الله عنهما ، إذا أتاكما الله بهدية بلا مسألة ولا استشراف نفس ،

فاقبلاها ولا ترداها ، فترداها على الله عز وجل ، وهذه هدية من الله والهدية لمن حضر .



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



ثم قال : يا لبابة ، يا فلانة ، يا فلانة ، وصاح ببناته والأختين وزوجته وأمها ،

وقعد وأقعدني ، فصرنا عشرة ، فحل الكيس وقال : أبسطوا حجوركم فبسطت حجري ،

وما كان لهن قميص له حجر يبسطونه ، فمدوا أيديهم ، وأقبل يعد دينارا دينارا ،

حتى إذا بلغ العاشر إلي ، قال : ولك دينار ، حتى فرغ من الكيس ،

وكان فيه ألف دينار ، فأعطانى مائة دينار .


يقول ابن جرير الطبرى : فدخل قلبي من سرور غناهم أشد من فرحى بالمائة دينار ،

فلما أردت الخروج قال لي : يا فتى إنك لمبارك ، وما رأيت هذا المال قط ولا أملته ،

وإني لأنصحك أنه حلال فاحتفظ به ،

واعلم أني كنت أقوم فأصلي الفجر في هذا القميص البالى ،

ثم أخلعه حتى تصلى بناتي واحدة واحدة ، ثم أخرج للعمل إلى ما بين الظهر والعصر ،

ثم أعود في آخر النهار بما فتح الله عز وجل على من تمر وكسيرات خبز ،

ثم أخلع ثيابى لبناتى فيصلين فيه الظهر والعصر ، وهكذا فى المغرب والعشاء الآخرة ،

وما كنا نتصور أن نرى هذه الدنانير ، فنفعهن الله بما أخذن ، ونفعني وإياك بما أخذنا ،

ورحم صاحب المال في قبره ، وأضعف الثواب لولد ، وشكر الله له .





نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



قال ابن جرير : فودعته ، وأخذت مائة دينار ، كتبت العلم بها سنتين ،

أتقوت بها وأشتري منها الورق وأسافر وأعطي الأجرة ،

وبعد ستة عشر عاما ذهبت إلى مكة ، وسألت عن الشيخ ، فقيل إنه مات بعد ذلك بشهور ،

وماتت زوجته وأمها والأختان ، ولم يبق إلا البنات ،

فسألت عنهن فوجدتهن قد تزوجن بملوك وأمراء ،

وذلك لما انتشر خبر صلاح والدهن فى الآفاق ، فكنت أنزل على أزواجهن ،

فيأنسون بي ويكرموني حتى توفاهن الله ، فبارك الله لهم فيما صاروا إليه .


يقول تعالى :

{ ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر

ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب

ومن يتوكل على الله فهو حسبه }

[الطلاق: 2/3] .




نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



رد مع اقتباس