{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ }
{ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }
"كريم" ومن كرمه إفضاله على من يكفر نعمه، ويجعلها وصلة
"الكريم" ومعناه: النفاع، من قولهم: شاة كريمة، إذا كانت غزيرة اللبن
تدر على الحالب، ولا تقلص بأخلافها، ولا تحبس لبنها.
ولا شك في كثرة المنافع التي منَّ الله تعالى بها على عباده، ابتداء منه
وتفضلاً، فهو باسم الكريم أحق من كل كريم .
وقال القرطبي بعد أن ذكر أن الكريم له ثلاثة أوجه هي:
الجواد والصفوح والعزيز: (وهذه الأوجه الثلاثة يجوز وصف الله
عز وجل بها، فعلى أنه جواد كثير الخير، صفوح لابد من متعلق يصفح
وإذا كان بمعنى العزيز كان غير مقتض مفعولاً في أحد وجوهه.
فهذا الاسم متردد بين أن يكون من أسماء الذات، وبين أن يكون
من أسماء الأفعال.والله جل وعز لم يزل كريماً ولا يزال، ووصفه بأنه
كريم هو بمعنى نفي النقائص عنه، ووصفه بجميع المحامد، وعلى هذا
الوصف يكون من أسماء الذات، إذ ذلك راجع إلى شرفه في ذاته وجلالة
صفاته.وإذا كان فعلياً كان معنى كرمه ما يصدر عنه من الإفضال والإنعام
على خلقه.وإن أردت التفرقة بين (الأكرم) و(الكريم)، جعلت الأكرم
الوصف الذاتي، والكريم الوصف الفعلي) اهـ.
وقد حكى ابن العربي رحمه الله في معنى (الكريم) ستة عشر قولاً،
الذي لا يحتاج إلى الوسيلة.
الذي لا يبالي من أعطى ولا من يحسن، كان مؤمناً أو كافراً،
الذي يستبشر بقبول عطائه ويسر به.
الذي يعطي ويثني، كما فعل بأوليائه حبب إليهم الإيمان وكره إليهم
الكفر والفسوق والعصيان، ثم قال:
{ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
ويحكى أن الجنيد سمع رجلاً يقرأ
{ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ }
، فقال: سبحان الله! أعطى وأثنى، المعنى: أنه الذي وهب الصبر
وأعطاه، ثم مدحه به وأثنى.
أنه الذي يعم عطاؤه المحتاجين وغيرهم.
أنه الذي يعطي قبل السؤال،
{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا }
أنه الذي ترفع إليه كل حاجة صغيرة كانت أو كبيرة.
أنه الذي لا يضيع من توسل إليه ولا يترك من التجأ إليه.
أما (الأكرم)، فقال الخطابي:
(هو أكرم الأكرمين، لا يوازيه كريم، ولا يعادله نظير، وقد يكون
(الأكرم) بمعنى: الكريم، كما جاء: الأعز والأطول، بمعنى العزيز والطويل)
إن "الأكرم" الوصف الذاتي و"الكريم" الوصف الفعلي
وهما مشتقان من الكرم، وإن اختلفا في الصيغة