إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم
حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
( بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة
فقال: «إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم، وخفَّت أماناتهم،
وكانوا هكذا. وشبك بين أصابعه. قال: فقمت إليه فقلت: كيف أفعل
عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: إلزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ
بما تعرف، ودَع ما تنكر وعليك بأمر خاصة نفسك، ودَع عنك
«إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم..»:
مرجت لغوياً من المرارة والمجوج. أي أصبحوا لا عهدَ لهم، زمنهم زمن
مكر وخداع وكذب وتدبيرات فلا صدق فيه أبداً، فهم في اضطراب
وقلق لانعدام الوفاء فيهم.
أصبح المؤمنون أقلَّة ندرة
«فالمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأعراضهم»
أما هؤلاء فلا إيمان عندهم ولا أمان لهم، إلا ما دمت عليهم قائماً.
«..وكانوا هكذا. وشبك بين أصابعه..»:
{..وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ..}
. وكفروا لما أصبح الناس كلهم أهل فساد وانعدام الدين فيهم فهم سواء
في قلوبهم على اختلاف أسمائهم فلا فرق في أعمالهم من معاصي
وفواحش وكبائر فقد ركنت قلوبهم إلى بعضها وخالَلتها وتشرَّبت
عليك بالابتعاد عن الناس قدر الإمكان والالتجاء إليه تعالى والحفاظ على
أهل بيتك "والداك، إخوتك" قدر المستطاع "زوجتك وبنوك" بكل
ما أوتيت من طاقة، فالزمان تياره جارف لا يقف فيه إلا من كان الرسول
صلى الله عليه وسلم نصيره، فحافظ على نفسك وعليهم من الاختلاط
وإلا فطوبى لمن لا زوجة له ولا ولد في آخر الزمان. ولا علاقة
في هذا الزمن صدر بحثنا، لا يعود للصدق مكان وكل ما تسمع فهو كذب
ودجل بل هو برمجة للعقول وفق الدعاية التي أرادها أهل الحل والعقد فإن
كنت ممن ينقل كل ما يسمع فهو تابع لهم بل هو مجنَّد لهم من حيث
وطريق الخلاص من الوقوع بهذا الإثم: «..خذ بما تعرف..»:
خذ لذاتك أي لا تتكلم به، خذ من كلام الله وطبِّقه على نفسك لنفسك.
ليس لك سوى أن تترك ما تنكر، ليس بمطلوب منك سوى دفع الشر
عن ذاتك وذويك من هذه الأكاذيب.
«..وعليك بأمر خاصة نفسك..»:
هؤلاء اهتمَّ بأمرهم، إخوتك في الله ذَووك في بيتك، ممن أنت راعٍ لهم
وأنت مسؤول عنهم إن كانوا سائرين على الحق أما على الباطل والشر
فلا مهما كانت درجة قرابتك منهم: حذار.
لا تتدخَّل بالشؤون العامة "فلا يصلح العطَّار ما أفسده الدهر" أنت عليك نفسك،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ..}