ثم دخلت سنة ثلاث عشرة ومائة للهجرة النبوية الشريفة
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله
غزا معاوية بن هشام أرض الروم من ناحية مرعش.
صار جماعة من دعاة بني العباس إلى خرسان وانتشروا فيها،
وقد أخذ أميرهم رجلاً منهم فقتله وتوعد غيره بمثل ذلك.
وغل مسلمة بن عبد الملك في بلاد الترك فقتل منهم خلقاً كثيراً، ودانت له
تلك الممالك من ناحية بلنجر وأعمالها.
حج بالناس إبراهيم بن هاشم المخزومي، فالله أعلم.
ونواب البلاد هم المذكورن في التي قبلها.
وممن توفي فيها من الأعيان
قال ابن جرير: فيها كان مهلك:
وهو مع البطال عبد الله بأرض الروم قتل شهيداً وهذه ترجمته:
هو عبد الوهاب بن بخت أبو عبيدة، ويقال: أبو بكر مولى آل مروان، مكي
سكن الشام ثم تحول إلى المدينة، روى عن ابن عمر وأنس وأبي هريرة
وجماعة من التابعين، وعنه خلق منهم: أيوب، ومالك ابن أنس،
ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيد الله العمري،
وقال مالك: كان كثير الحج والعمرة والغزو، حتى استشهد ولم يكن أحق
بما في رحله من رفقائه، وكان سمحاً جواداً، استشهد ببلاد الروم مع
الأمير أبي محمد عبد الله البطال، ودفن هناك رحمه الله.
توفي في هذه السنة، قاله خليفة وغيره، وذلك أنه لقي العدو ففر بعض
المسلمين، فجعل ينادي ويركض فرسه نحو العدو أن هلموا إلى الجنة،
ويحكم أفراراً من الجنة؟ أتفرون من الجنة؟ إلى أين ويحكم؟ لا مقام لكم
في الدنيا ولا بقاء، ثم قاتل حتى قتل رحمه الله.
تابعي جليل القدر، إمام أهل الشام في زمانه، وكان مولى لامرأة من هذيل،
وقيل مولى امرأة من آل سعيد بن العاص، وكان نوبياً، وقيل: من سبي
كابل، وقيل كان من الأبناء من سلالة الأكاسرة، وقد ذكرنا نسبه
وقال محمد بن إسحاق سمعته يقول:
طفت الأرض كلها في طلب العلم.
العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالحجاز، والحسن البصري بالبصرة،
والشعبي بالكوفة، ومكحول بالشام.
كان لا يستطيع أن يقول: قل، وإنما يقول: كل، وكان له وجاهة عند
الناس مهما أمر به من شيء يفعل.
وقال سعيد بن عبد العزيز:
كان أفقه أهل الشام، وكان أفقه من الزهري، وقال غير واحد: توفي
في هذه السنة، وقيل بعدها، فالله أعلم.
مكحول الشامي هو: ابن أبي مسلم، واسم أبي مسلم شهزاب بن شاذل كذا
نقلته من خط عبد الهادي.وروى ابن أبي الدنيا عنه أنه قال: من نظف
ثوبه قل همه، ومن طاب ريحه زيد في عقله.
{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }
قال: بارد الشراب، وظلال المساكن، وشبع البطون، واعتدال الخلق
وقال: إذا وضع المجاهدون أثقالهم عن دوابهم أتتها الملائكة فمسحت
ظهورها، ودعت لها بالبركة إلا دابة في عنقها جرس.