دعوة للتفكر في إبداع خلقك
دعوة للتفكر في ابداع خلقك
ماذا عن الأذن ؟ وماذا عن الشم ؟
وماذا عن حسِّ اللمس، وحس الضغط، وحسِّ الحرارة،
وحسِّ البرودة ؟ كيف ينام الإنسان ؟
وكيف يتقلَّب في الليلة الواحدة قريباً من أربعين مرَّة ؟
لماذا يتقلَّب ؟ لماذا يتقلَب يمنةً ويسرة ؟
كيف يضغط الهيكل العظمي وما فوقه من عضلات على قسمهِ السفلي ؟
كيف تضيق الأوعية الدمويَّة ؟
كيف أودع الله سبحانه وتعالى في الجسم مراكز للإحساس بالضغط ؟
كيف تخبر هذه المراكز الدماغ بأن انضغاطاً وقع في القسم الفلاني ؟
كيف يأمر الدماغ العضلات وأنت نائم بالتقلُّب ؟
{ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ(18) }
إن هذه الآية دالَّةٌ على عظمة الله، لو أن أهل الكهف لم يُقَلَّبوا لما أمكن
أن يبقوا في كهفهم ثلاثمئةٍ وزيادة. يا أيها الأخوة الأكارم، إذا أردت باباً
واسعاً جداً من أبواب معرفة الله فعليك بالتفكُّر، التفكُّر أرقى عبادة،
في بعض الكتب الإسلاميَّة يؤكِّد بعض المؤلِّفين أن عبادة التفكُّر تفوق
كل عبادة، أنت إذا تفكَّرت عرفت الله وقدَّرته حقَّ قدره، فإذا قدرته حقَّ
{ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا
وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) }
حديثاً توصَّلنا فيه إلى أن الذي يحدِّد نوع الجنين هو الحوين وليس
البويضة، والله سبحانه وتعالى يقول:
{ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى(45)
مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى(46) }
{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (55) }
كل هذه الآيات الدالَّة على عظمته ومع ذلك يعبدون من دون الله !!
الذين عبدوا الشمس عبدوها من دون الله، الذين عبدوا القمر عبدوه
من دون الله، الذين عبدوا الأصنام عبدوها من دون الله، الذي يعبد هواه
هذا يعبده من دون الله،كان الله ولم يكن معه شيء،والكون كلُّه من دون
الله، فإذا توجَّهت بالعبادة إلى أيَّةِ جهةٍ غير الله عزَّ وجل فهذه عبادةٌ
من دون الله،إذاً لا ينبغي أن تعبد إلا الله،
{ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ(65) }
{ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ(123) }
العبادة هي طاعةٌ طوعيَّة، غايةٌ في الخضوع مع غايةٍ في الحب، لو أن
العبادة خَلَت من الحب لما كانت عبادة، لو أن الحب كان موجوداً ولم تكن
هناك طاعة لما كانت عبادة، غايةٌ في الحب مع غايةٍ في الخضوع،
طاعةٌ طوعيَّة ممزوجةٌ بمحبَّةٌ قلبيَّة أساسها معرفةٌ يقينيَّة تفضي
إلى سعادةٍ أبديَّة، وهي عِلَّة وجودنا على وجه الأرض:
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ(56) }
{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (55)}
هؤلاء الكفَّار، هؤلاء التائهون،هؤلاء الشاردون، هؤلاء الغافلون،
هؤلاء الجُهَلاء، هؤلاء الذين ما فكَّروا في عظمة الكون، هؤلاء الذين
لم تستوقفهم هذه الآيات، هؤلاء الذين مَرَّوا على هذه الآيات مرور
الغافلين، هؤلاء الذين استهلكتهم الحياة، هؤلاء الذين استهلكوا حياتهم
استهلاكاً رخيصاً، هؤلاء يعبدون من دون الله.
الله عزّ وجل ما أمرك أن تعبده وحده
إلا بعد أن طمأنك أن الأمر كلَّه راجعٌ إليه:
{ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ(123) }
{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (55) }
( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ )
هذا الذي يجعل حياته كلَّها من أجل شيءٍ أرضيٍ ينتهي عند الموت،
{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (55) }
لو أنك آثرت رضا زوجتك على طاعة الله فكأنك عبدتها من دون الله،
لو أنك آثرت إرضاء إنسانٍ ما على طاعة الله عزَّ وجل فكأنما عبدته
من دون الله، لو أنك آثرت شهوتك على طاعة الله عزَّ وجل فكأنما
عبدت هذه الشهوة من دون الله،
{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (55) }
فلا توجد إلا حالة واحدة إما أن تعبد الله وإما أن تعبد من دون الله،
والذي يستحقُّ العبادة وحدها هو الله عزَّ وجل.