عن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-
قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو:
لك ذاكرًا، لك راهبًا، لك مطواعًا، لك مخبتًا،
إليك أواهًا منيبًا، رب تقبَّل توبتي،
وسدد لساني، واسلل سخيمة صدري )
>>> رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه،
وصحّحه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/414).
هذا الدعاء العظيم اشتمل على اثنين وعشرين سؤالًا ومطلبًا،
هي من أهم مطالب العبد وأسباب صلاحه وسعادته في الدنيا
وهو طلب العون من الله؛ أي وفقني لذكرك وشكرك وحُسن عبادتك،
وفي مقابلة الأعداء أمدني بمعونتك وتوفيقك.
أي لا تغلب علي من يمنعني من طاعتك من النفس الأمّارة بالسوء،
وهو طلب النصر؛أي أغلبني على الكفار أعدائي وأعداء دينك،
وقيل: انصرني على نفسي الأمّارة بالسوء، فإنها أعدى أعدائي.
بمعنى لا تسلّط علي أحدًا من خلقك.
أي ألحق مكرك بأعدائي، وارزقني الحيلة السليمة والفكر القويم للسلامة
من شرهم ودفع كيدهم،بحيث لا يشعر العدو بما هديتني إليه من سبل
أي ولا تهد عدوي إلى طريق دفعه إياي عن نفسه.
أي دلني على أبواب الخيرات، ومُنّ علي بالعلم النافع، وبصِّرني بعيوب
أي وسهل لي اتباع الهداية وسلوك طريقها، وهييء لي أسباب الخير؛
حتى لا أستثقل الطاعة، ولا أشتغل عن العبادة.
( وانصرني على من بغى علي ):
أي وانصرني على من ظلمني وتعدى علي.
( اللهم اجعلني لك شاكرًا ):
أي ألهمني شكرك على نعمائك، وآلائك علي.
أي في الأوقات كلها قائمًا، وقاعدًا، وعلى جنب.
أي خائف منك في السرَّاء والضرَّاء.
أي كثير الطوع؛ وهو الانقياد والامتثال والطاعة.
من الإخبات وهو الخشوع والتواضع والخضوع، والمعنى:
اجعلني لك خاشعًا متواضعًا خاضعًا.
الأواه هو: كثير الدعاء والتضرع والبكاء، والمنيب هو:
التائب الراجع إلى الله في أموره.
أي بجعلها صحيحة بشرائطها، واستجماع آدابها.
أي على أعدائك في الدنيا والعقبى، وثبِّت قولي وتصديقي في الدنيا
أي إلى معرفة ربي، ومعرفة الحق، والهدى الذي أمر به وبعث به رسله.
أي صوِّب وقوِّم لساني حتى لا ينطق إلا بالصدق والقول السديد.
أي وأخرج سخيمة صدري؛وهي غشه وغله وحقده وحسده ونحوها
مما ينشأ من الصدر ويسكن في القلب من مساويء الأخلاق.
وبهذا الشرح الموجز لما اشتمل عليه هذا الدعاء من المسائل العظيمة
والمطالب الجليلة؛ يتبين عظم هذا الدعاء، وأنه مما ينبغي حفظه،
وملازمة التضرع به إلى الله،
وقد ذكر الحافظ البزار في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية:
أن هذا الدعاء كان غالب دعاؤه -رحمه الله-.
من كتاب فقه الأدعية والأذكار للشيخ/ عبد الرزاق البدر -حفظه الله-