وَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِجِبْرِيلَوَ غَيْرِهِ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهَا حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ ، وَ هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ،
وَ أَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَالثَّابِتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ أَنَّهُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ،
فَفِي حَدِيثِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ،رَوَاهُمُسْلِمٌ ،
وَ فِي حَدِيثِأَبِي هُرَيْرَةَالَّذِي تَقَدَّمَ : وَ إِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ ،
وَ يُفْهَمُ مِنْ حَدِيثِأَبِي قَتَادَةَ "
إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى " رَوَاهُمُسْلِمٌ
أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ، قَالَالنَّوَوِيُّ : قَوْلُهُ فَإِنَّهُ وَقَّتَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ
مَعْنَاهُ وَقَّتَ لِأَدَائِهَا اخْتِيَارًا ، وَ أَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَيَمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ لِحَدِيثِأَبِي قَتَادَةَ
عِنْدَمُسْلِمٍ " إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى
" وَ قَالَالْإِصْطَخْرِيُّ : إِذَا ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ صَارَتْ قَضَاءً ،
وَ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُأَبِي قَتَادَةَالْمَذْكُورُ . انْتَهَى كَلَامُالنَّوَوِيِّ
. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : عُمُومُ حَدِيثِأَبِي قَتَادَةَمَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الصُّبْحِ
وَ عَلَى قَوْلِالشَّافِعِيِّالْجَدِيدِ فِي الْمَغْرِبِ ، فَلِلْإِصْطَخْرِيِّ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ مَخْصُوصٌ
بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الْعِشَاءِ ،
قَالَ : وَ لَمْ أَرَ فِي امْتِدَادِ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ حَدِيثًا صَرِيحًا يَثْبُتُ ، انْتَهَى .
تَنْبِيهٌ
ذَكَرَ النَّيْمَوِيُّ فِي آثَارِ السُّنَنِ أَثَرَيْنِ يَدُلَّانِعَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ :
أَحَدُهُمَا أَثَرُأَبِي هُرَيْرَةَعَنْعَبِيدِ بْنِ جُرَيْجٍأَنَّهُ قَالَلِأَبِي هُرَيْرَةَ :
مَا إِفْرَاطُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ؟ قَالَ طُلُوعُ الْفَجْرِ ،رَوَاهُالطَّحَاوِيُّ
. وَ ثَانِيهِمَا : أَثَرُعُمَرَعَنْنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍقَالَ : كَتَبَ عُمَرُإِلَىأَبِي مُوسَى :
وَ صَلِّ الْعِشَاءَ أَيَّ اللَّيْلِ شِئْتَ وَ لَا تُغْفِلْهَا ،رَوَاهُالطَّحَاوِيُّوَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ثُمَّ قَالَ :
دَلَّ الْحَدِيثَانِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ يَبْقَى بَعْدَمُضِيِّ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ
وَ لَا يَخْرُجُ بِخُرُوجِهِفَبِالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا يَثْبُتُ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِمِنْ حِينِ دُخُولِهِ
إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ وَ بَعْضُهُ أَوْلَى مِنْبَعْضٍ ،
وَ أَمَّا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَلَا يَخْلُو مِنَ الْكَرَاهَةِ . انْتَهَى ،
وَ قَالَ الْحَافِظُالزَّيْلَعِيُّفِي نَصْبِ الرَّايَةِ ص 122 : تَكَلَّمَالطَّحَاوِيُّفِي شَرْحِ الْآثَارِ
هَاهُنَا كَلَامًا حَسَنًا مُلَخَّصُهُ أَنَّهُقَالَ يَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعِشَاءِ
حِينَيَطْلُعُ الْفَجْرُ ، وَ ذَلِكَ أَنَّابْنَ عَبَّاسٍوَ أَبَا مُوسَىوَ الْخُدْرِيَّ
رَوَوْا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَخَّرَهَاإِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ،
وَ رَوَىأَبُو هُرَيْرَةَوَ أَنَسٌأَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ ،
وَ رَوَىابْنُ عُمَرَأَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى ذَهَبَ سُدُسُ اللَّيْلِ .
وَ رَوَتْ أم المؤمنين السيدة عَائِشَةُ رضى الله عنها و عن أبيها :
أَنَّهُ أَعْتَمَ بِهَا حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ
. وَ كُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحِ ،
قَالَ : فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَقْتٌ لَهَا وَ لَكِنَّهُعَلَى أَوْقَاتٍ ثَلَاثَةٍ
فَأَمَّا مِنْ حِينِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا إِلَى أَنْيَمْضِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَأَفْضَلُ وَقْتٍ صُلِّيَتْ فِيهِ ،