فضل الجلوس في المصلى بعد الصلاة
( أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيراً،
كَانَ لا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوِ الغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ، فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ )
الجلـــــوس بعــد الســلام مـن الصـــــــلاةَ المكتـــــوبة مــن أعظم
الأوقـــات التي تنزل فيها رحمــة الله عز وجل لاتستعـــجل بالقيـــــامَ
. استغفر ، سبــح الله ، واحمــده ،وهــلل وكبـــــر ..
من كان كثير الذنــوب وأراد أن يحطها الله عنه بغير تعب . فليغتنم ملازمة
مصــلاه بعد الصلاة ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له .
المصدر : شرح ابن بطال الجزء : الثالث رقم الصفحة : 114
اختلف الفقهاء في حكم إطالة الجلوس عقب الصلاة
للذكر والدعاء ، وذلك على قولين :
القول الأول : يستحب إطالة الذكر والدعاء عقب الفراغ من الصلاة ،
للمأموم والمنفرد مطلقا ، وللإمام بعد أن يتحول عن استقبال القبلة ،
وهذا قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة .
يقول الإمام الشافعي رحمه الله :
" أستحب أن يذكر الإمامُ اللهَ شيئا في مجلسه قدر ما يتقدم من انصرف
من النساء قليلا كما قالت أم سلمة ، ثم يقوم ، وإن قام قبل ذلك أو جلس
أطول من ذلك فلا شيء عليه...وأستحب للمصلي منفردا وللمأموم أن
يطيل الذكر بعد الصلاة ، ويكثر الدعاء رجاء الإجابة بعد المكتوبة "
واستدلوا على ذلك بجميع الأحاديث الواردة في تخصيص أذكار معينة
عقب الصلاة ، وهي أحاديث كثيرة ، جمعها أحد الباحثين – واسمه
غالب الحامضي - في بحث بعنوان : " الأحاديث الواردة المقيدة بأدبار
الصلوات في كتب السنة جمعا ودراسة ".
يقول الإمام النووي رحمه الله :
" اتفق الشافعي والأصحاب وغيرهم رحمهم الله على أنه يستحب ذكر الله
تعالى بعد السلام ، ويستحب ذلك للإمام ، والمأموم ، والمنفرد ، والرجل ،
والمرأة ، والمسافر ، وغيره ، ويستحب أن يدعو أيضا بعد السلام
بالاتفاق ، وجاءت في هذه المواضع أحاديث كثيرة صحيحة في الذكر
والدعاء ، قد جمعت في كتاب الأذكار
" انتهى من " المجموع " (3/465)
ويقول البهوتي الحنبلي رحمه الله :
" يسن ذكر الله والدعاء والاستغفار عقب الصلاة المكتوبة كما ورد في
الأخبار ، قال ابن نصر الله في الشرح : والظاهر أن مرادهما أن يقول ذلك
وهو قاعد ، ولو قاله بعد قيامه وفي ذهابه فالظاهر : أنه مصيب للسنة
أيضا ، إذ لا تحجير في ذلك
" انتهى من " كشاف القناع " (1/365)
القول الثاني : إذا كانت صلاة الفريضة تتبعها سنة راتبة بعدية ، فيستحب
تقصير الجلوس عقب الفراغ من الصلاة ، وتعجيل القيام منها والانصراف
إلى صلاة النافلة في البيت ، ولا يجلس إلا مقدارا يسيرا ، وبعد ذلك يمكنه
أن يأتي بما يشاء من الأذكار ، وهو قول فقهاء الحنفية ، قالوا يكره تأخير
صلاة السنة الراتبة عن صلاة الفريضة ، ولا يفصل بينهما حتى بالأذكار
الشرعية ، أما الفصل للانتقال إلى البيت فهو الأفضل .
واستدلوا على ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها قالت :