حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَ كَثِيرِهِ وَ لَا سَأَلَهَاعَنْ مِقْدَارِهِ
وَ لَمْ يَحُدَّ فِيهِ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ وَ لَا دُونَهُ .
قَالَالْعَيْنِيُّ : حَدِيثُعَائِشَةَمَا كَانَ لِإِحْدَانَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ فِيهِ تَحِيضُ ،
فَإِنْأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ بَلَّتْهُ بِرِيقِهَا ثُمَّ قَصَعَتْهُبِرِيقِهَا ،
رَوَاهُأَبُو دَاوُدَوَأَخْرَجَهُالْبُخَارِيُّأَيْضًا و لَفْظُهُ : قَالَتْ بِرِيقِهَا فَقَصَعَتْهُ ،
يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَالْقَلِيلِ وَ الْكَثِيرِ ، وَ قَالَالْبَيْهَقِيُّهَذَا فِي الدَّمِ الْيَسِيرِ الَّذِي يَكُونُ مَعْفُوًّا عَنْهُ ،
وَ أَمَّا الْكَثِيرُ مِنْهُ فَصَحَّ عَنْهَا - ، أَيْ عَنْعَائِشَةَ - أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُهُ ،
فَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي عَدَمِالْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَ الْكَثِيرِ مِنَ النَّجَاسَةِ ،
وَ عَلَىالشَّافِعِيِّأَيْضًا فِي قَوْلِهِ إِنَّ يَسِيرَ الدَّمِ يُغْسَلُ كَسَائِرِالْأَنْجَاسِ
إِلَّا دَمُ الْبَرَاغِيثِفَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ ،
وَ قَدْ رُوِيَعَنْأَبِي هُرَيْرَةَأَنَّهُ لَا يَرَى بِالْقَطْرَةِ وَ الْقَطْرَتَيْنِ بَأْسًا فِيالصَّلَاةِ ،
وَ عَصَرَابْنُ عُمَرَبَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ وَ صَلَّى ،
فَالشَّافِعِيَّةُ لَيْسُوا بِأَكْثَرَ احْتِيَاطًا مِنْأَبِي هُرَيْرَةَوَ ابْنِ عُمَرَ
وَ لَا أَكْثَرَ رِوَايَةً مِنْهُمَا حَتَّى خَالَفُوهُمَا حَيْثُ لَمْيُفَرِّقُوا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَ الْكَثِيرِ ،
عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الدَّمِمَوْضِعُ ضَرُورَةٍ ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو فِي غَالِبِ حَالِهِ
مِنْبَثْرَةٍ وَ دُمَّلٍ أَوْ بُرْغُوثٍ فَعُفِيَ عَنْهُ ؛ وَ لِهَذَا حَرَّمَ اللَّهُالْمَسْفُوحَ مِنْهُ ،
فَدَلَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ . انْتَهَى كَلَامُالْعَيْنِيِّ .
قُلْتُ : فِي كَلَامِ الْعَيْنِيِّ هَذَا أَشْيَاءُ فَتَفَكَّرْ .
وَ اللَّهُ تَعَالَى أعلى و أَعْلَمُ . و أجل