تَنْبِيهٌ :
اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَقْصُودِالتِّرْمِذِيِّوَ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا الْمَقَامَ ،
وَ ظَنَّ لَفْظَ " عَنْعَوْنٍ " صَحِيحًا فَإِنَّهُ قَالَ مَا لَفْظُهُ :
قَوْلُهُ : ( وَ قَالَأَحْمَدُنَاعَبَّادُبْنُ . . . إِلَخْ )
هَاهُنَا تَحْوِيلٌ وَ الْمُدارُ سَيَّارٌ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : لَيْسَ الْمُدارُ سَيَّارًا بَلِ الْمُدارُ عَوْفٌ ، ثُمَّ قَالَ : قَوْلُهُ جَمِيعًا عَنْعَوْنٍالْمُرَادُ
مِنَ الْجَمِيعِ هُوَعَوْفٌوَ عَبَّادٌوَ إِسْمَاعِيلُ ،انْتَهَى .
قُلْتُ : لَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْمُرَادُ مِنَ الْجَمِيعِ هُوَعَبَّادٌوَإِسْمَاعِيلُ ،فَتَفَكَّرْ .
قَوْلُهُ :( عَنْسَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ)
بِفَتْحِ السِّينِ وَ شَدَّةِ التَّحْتَانِيَّةِ الرَّيَاحِيِّالْبَصْرِيِّ ، ثِقَةٌ .
قَوْلُهُ :( عَنْأَبِي بَرْزَةَ)
اسْمُهُ نَضْلَةُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَسْلَمِيُّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌبِكُنْيَتِهِ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ
وَ غَزَا سَبْعَ غَزَوَاتٍ ، ثُمَّنَزَلَالْبَصْرَةَوَ غَزَا خُرَاسَانَ
وَ مَاتَ بِهَا سَنَةَ 65 خَمْسٍ وَ سِتِّينَ .
قَوْلُهُ : ( يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ )
لِأَنَّ النَّوْمَ قَبْلَهَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى إِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا مُطْلَقًا
أَوْ عَنِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ .
قَوْلُهُ :( وَ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا)
لِأَنَّ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى النَّوْمِ عَنِالصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ أَوْ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ ،
وَ كَانَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِيَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ
وَ يَقُولُ " أَسَمَرًا أَوَّلَ اللَّيْلِوَ نَوْمًا آخِرَهُ "
وَ إِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ ذَلِكَ فَقَدْ يُفَرِّقُفَارِقٌ بَيْنَ اللَّيَالِي الطِّوَالِ وَ الْقِصَارِ
وَ يُمْكِنُ أَنْ تُحْمَلَالْكَرَاهَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَاشُرِعَ مَظِنَّةً
قَدْ يَسْتَمِرُّ فَيَصِيرُ مَئِنَّةً ، كَذَا فِي فَتْحِالْبَارِي .
قَوْلُهُ : ( وَ فِي الْبَابِ عَنْعَائِشَةَوَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍوَ أَنَسٍ)
أَمَّا حَدِيثُعَائِشَةَفَأَخْرَجَهُابْنُ مَاجَهْبِلَفْظِ
"مَا نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَ سَمَرَ بَعْدَهَا" .
وَ أَمَّا حَدِيثُابْنِ مَسْعُودٍفَأَخْرَجَهُابْنُ مَاجَهْبِلَفْظِ
" جَدَبَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَالسَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ "
يَعْنِي زَجَرَنَا .
وَ أَمَّا حَدِيثُأَنَسٍفَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ .
وَ فِي الْبَابِ أَيْضًا عَنِابْنِ عَبَّاسٍرَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُأَبِي بَرْزَةَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ .
قَوْلُهُ : ( وَ قَدْ كَرِهَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ النَّوْمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
وَ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ . . . إِلَخْ )
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِالتِّرْمِذِيِّهَذَا مَا لَفْظُهُ :
وَ مَنْ نُقِلَتْ عَنْهُ الرُّخْصَةُ قُيِّدَتْ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِمَا إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُوقِظُهُ
أَوْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ بِالنَّوْمِ ،
وَ هَذَا جَيِّدٌ حَيْثُ قُلْنَا إِنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ خَشْيَةُ خُرُوجِ الْوَقْتِ ،
وَ حَمَلَالطَّحَاوِيُّالرُّخْصَةَ عَلَى مَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَ الْكَرَاهَةَ عَلَى مَا بَعْدَ دُخُولِهِ .
انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ .
قُلْتُ : احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ ،
وَ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ بِدُونِ كَرَاهَةٍ بِمَا أَخْرَجَهُالْبُخَارِيُّوَ غَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَعْتَمَ بِالْعِشَاءِ
حَتَّى نَادَاهُعُمَرُنَامَ النِّسَاءُ وَ الصِّبْيَانُ وَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ "
وَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ ،
ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ،
ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ " .
قَالَابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ : وَ مَا أَرَى هَذَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَ لَا نُعَاسَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ
وَ هُمْ فِي انْتِظَارِالصَّلَاةِ مِنَ النَّوْمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ، وَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ السِّنَةِ
الَّتِي هِيَ مَبَادِئُ النَّوْمِ كَمَا قَالَ :
)وَ سْنَانُ أَقْصَدَهُ النُّعَاسُ فَرَنَّقَتْ فِي جَفْنِهِ سِنَةٌ وَ لَيْسَ بِنَائِمِ(
وَ قَدْ أَشَارَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا النَّوْمِ وَ النَّوْمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ، كَذَا فِي النَّيْلِ .
وَ اللَّهُ تَعَالَى أعلى و أَعْلَمُ . و أجل
( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )
( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )
( و الله الموفق )