
01-12-2011, 12:14 PM
|
Moderator
|
|
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
|
|
43 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / العشر من ذى الحجة
43 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / العشر من ذى الحجة
لفضيلة العضو الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى
أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ================================
الحمد لله الذي حثَّ على الحجِّ إلى بيته الحرام ، أحمده سبحانه و أشكره على الدّوام ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك ، القدّوس السلام ،
و أشهد أنّ سيّدنا و نبيَّنا محمّدًا عبده و رسوله خير من صلّى و حجّ و صام،
صلّى الله عليه و على آله و صحبه ما صام صائمٌ و حجّ حاجّ و لله قام .
أمــا بعـــد :
فأتقوا الله أيها المسلمون ، فالتقوى خير زاد ليوم المعاد ، و بها يصلح الله أمورَ العباد ،
{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً }
[الطلاق: 4] .
أيها المسلمون : العبادة أعظم كرامة يُكرم الله بها العابدين، و يرفع بها المتقين ،
بالعبادة تستنير القلوب ، و تتهذَّب النفوس ، و تتقوّم الأخلاق ، و تصُلح العقول ،
و تزكو الأعمال ، و تُعمر الحياة بالصلاح و الإصلاح ، و تُرفَع الدرجات في الجنات ،
و تُكفَّر السيئات ، و تُضاعف الحسنات .
و إن من رحمة الله و حكمته و كمال علمه أن شرع العبادة لإصلاح النفس البشرية ،
فشرع العبادات المتنوِّعة ؛ الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و غير ذلك ؛
لتتكامل تربية الإنسان و تطهيره من جميع الوجوه ، قال الله تعالى :
{ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
[المائدة: 6] .
و الحج ركن من أركان الإسلام ، جمع الله فيه العبادة القلبية بالإخلاص و غيره ،
و جمع الله فيه العبادة المالية و القولية و الفعلية ،
و الحج و زمنه تجتمع فيه شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدًا رسول الله ،
أعظم ركن في الإسلام ، و تجتمع فيه الصلاة و إنفاق المال ، و الصيام لمن لم يجد الهدي ،
و الأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر ، و الصبر و الحِلم ، و الشفقة و الرحمة ،
و التعليم للخير و البر ، و جهاد النفس و نحو ذلك ، و إجتناب المحرمات .
و الحج آية من آيات الله العظمى على أن ما جاء به محمد هو الدين الحق ،
فلا تقدِر أيّ قوة في الأرض أن تجمع الحجاج كل عام من أطراف الأرض
و من جميع أجناس البشر و طبقات المجتمعات و أصناف الناس
بقلوب مملوءة بالشوق و المحبة ، يتلذذون بالمشقات في الأسفار ،
و يفرحون بمفارقة الأهل و الأصحاب و الأوطان ،
و يحسّون أن ساعات الحج أسعد ساعات العمر ،
و يعظمون مشاعر الحج بقلوبهم ،:
{وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ
* لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ
فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَائِسَ ٱلْفَقِيرَ }
[الحج: 27، 28] .
ذكر المفسرون عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن الله لما أمر خليله إبراهيم عليه الصلاة و السلام أن يؤذن في الناس بالحج
قال : يا رب ، كيف أبلّغ الناس و صوتي لا ينفذهم ؟ !
فقال : نادِ و علينا البلاغ ، فقام على مقامه ، و قيل: على الحِجْر ،
و قيل: على الصفا، و قيل: على أبي قبيس ،
و قال : يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتًا فحجوه ،
فيقال : إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض ،
و أسمع من في الأرحام و الأصلاب ، و أجابه كل شيء سمعه من حجر و مدر و شجر ،
و من كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة . لبيك اللهم لبيك .
أيها المسلمون ، أخلصوا النية لله تعالى في حجكم ،
و أقتدوا بسيد المرسلين في أعمال الحج ، فقد قال عليه الصلاة و السلام :
(( خذوا عني مناسككم ))،
ليكون حجكم مبرورًا ، و سعيكم مشكورًا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
(( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ))
رواه البخاري و مسلم ،
و عن أبي هريرة أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة))
رواه البخاري و مسلم،
و عن عائشة رضي الله عنها و عن أبيها قالت:
قلت : يا رسول الله ، نرى الجهاد أفضلَ العمل ، أفلا نجاهد ؟!
فقال:
(( لا ، و لكن أفضل الجهاد حج مبرور))
رواه البخاري .
و الحج المبرور هو الذي أخلص صاحبه النية فيه لله تعالى ،
و أدى مناسكه على هدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أجتنب المعاصي و أذية المسلمين ،
و لم يجامع أهله في وقت لا يحل له ، و حفظ لسانه من اللغو و الباطل ،
و كانت نفقته حلالاً ، و أنفق في الخير بقدر ما يوفقه الله تعالى ،
فإذا جمع الحجُّ هذه الصفات كان مبرورًا مقبولاً عند الله عز وجل ، و الحج يهدم ما قبله .
و على الحاج أن يتعلم ما يصح به حجه ، و يسأل عن أحكام الحج العلماءَ ،
و ليحرص أشدَّ الحرص على الإتيان بأركان الحج ؛ لأنه لا يصح الحج إلا بها ،
و هي الإحرام و المراد به الدخول في النسك ،
و الوقوف بعرفة و هو أعظم أركان الحج ، لقوله صلى الله عليه و سلم :
(( الحج عرفة )) ،
و طواف الإفاضة ، و السعي على الأرجح ، و عليه أن يقوم بواجبات الحج ،
لا يترك منها شيئًا ، و واجبات الحج : الإحرام من الميقات المعتبر له ،
و الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس ، و المبيت بمزدلفة ، و الرمي ،
و الحلق أو التقصير ، و المبيت بمنى ، و الهدي لمن يلزمه الهدي ، و طواف الوداع .
و يستحب للحاج الاستكثار من أفعال الخير ، و كثرة التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة ،
و يكثر من تلاوة القرآن ، و يتضرع بالدعاء ، و لا سيما يوم عرفة ؛
يقول صلى الله عليه و سلم :
(( خير الدعاء دعاء عرفة ، و خير ما قلت أنا و النبيون قبلي يوم عرفة :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد ، و هو على كل شيء قدير )) ،
و يحفظ لسانه من الغيبة و الباطل ، فقد كان بعض السلف إذا أحرم كأنه حية صماء ،
لا يتكلم إلا بخير، و لا يخوض فيما لا يعنيه ،
و يبتعد عن المشاجرات و الخصومات و المجادلات و الضوضاء ،
و يواظب المسلم على التكبير المقيد ،
و يبدأ وقته بعد فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ،
و للحاج يبدأ بعد ظهر يوم العيد إلى عصر آخر أيام التشريق ،
و صفته : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد .
و يستحب للحاج و غيره المسارعة إلى كل خير و عمل صالح و بر في عشر ذي الحجة ،
فعن أبن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(( ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله من هذه الأيام ))
يعني الأيام العشر ، قالوا : يا رسول الله ، و لا الجهاد في سبيل الله ؟!
قال :
(( و لا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه و ماله ،
فلم يرجع من ذلك بشيء ))
رواه البخاري .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }
[آل عمران: 133] .
بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ، و نفعني و إياكم بما فيه من الآيات و الذكر الحكيم ،
نفعني الله و إياكم بالقرآن العظيم ، و بهدي محمد ، و أقول قولي هذا ،
و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كل ذنب و خطيئة ،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
|