الحمد لله الرحيم الرحمن ، قديمِ الإحسان ، عظيمِ الشّان ،
أحمده تعالى و أشكره على نعمِه التي لا تحصَى ،
و أشهد أن لا إلهَ إلاّ الله وحده لا شريكَ له ، له الأسماءُ الحسنى ،
و أشهد أنّ نبيَّنا و سيّدنا محمّدًا عبده و رسوله ، بعثَه ربه بالنور و الهدى ،
اللهمّ صلِّ و سلِّم و بارك على عبدك و رسولك محمّد و على آله و صحبِه
صلاةً و سلامًا كثيرًا .
أمــا بعــد :
فاتقوا الله عباد الله ، و أعلموا أن حلاوة الإيمان لا يلَذّ طعمها
و لا تلامس شغاف قلب المؤمن حتى يرضى
بمحمد صلى الله عليه و سلم نبيًّا و رسولا ،
و ذلك بأن ينقادَ له و يسلّم تسليمًا مطلقًا بما أتى به من الوحي ،
فلا يتحاكم إلا لهديه ، و لا يحكّم عليه غيرَه ، و لا يرضى بحكم غيره البتّةَ ،
و أن لا يبقى في قلبه حرجٌ من حكمه أيًّا كان ،
حتى و إن كان مخالفًا لمراد النفس أو هواها أو مغايرًا لقول أحدٍ كائنًا من كان ؛
لأن الحبيبَ صلى الله عليه و سلم قال كما في الحديث الصحيح :
(( كلُّ أمتي يدخل الجنّةَ إلا من أبى )) ،
قيل : و من يأبى يا رسول الله ؟ ! قال :
(( من أطاعني دخل الجنّةَ، و من عصاني فقد أبى )) .
ألا إنّه لا أقبحَ و لا أخزى في العصيان من معارضة سنته صلى الله عليه و سلم
بالهوى أو الشهوة أو تقديم العقل عليها أو التشكيك فيها ،
كما وقع في ذلكم فئامٌ من الناس على وجه الحيلة و هم لا يهتدون سبيلا ،
إنهم استسهلوا نقد نصوص السنّة دون مسوِّغٍ شرعيّ
و تجرؤا على مواجهتها و وصفها بأنها تخالف المعقول تارةً
أو لا تلائم واقعَ الحال تارات ،
بل لقد شرق أقوامٌ بالسنة النبوية حتى أضحت شوكةً في حلوقهم ،
فالله المستعان ، و لا حول و لا قوّة إلا بالله .
و قد أحسن الحافظ أبن حجر حين قال :
" وقد توسَّع من تأخَّر عن القرونِ الثلاثة الفاضلة في غالبِ الأمور التي أنكَرَها أئمّةُ التابعين و أتباعُهم ، و لم يقتنِعوا بذلَك حتى مزَجوا مسائلَ الديانة بكلام الفلاسفةِ ،
و جعلوه أصلاً يرُدّون إليه ما خالَفَه من الآثار بالتأويل و لو كان مستَكرَها ، ثم لم يكتفوا بذلك حتى زعَموا أنَّ الذي رتَّبوه هو أشرف العلوم و أولاها بالتحصيل ، و أنّ مَن لم يستعمِل ما اصطَلحوا عليه فهو عامّيّ جاهل ، فالسعيد من تمسَّك بما كان عليه السلف و أجتَنَب ما أحدثه الخلف " .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
( مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا *
وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ
وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً *
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا )
[ النساء :80-82 ] .
هذا و صلوا و سلموا على نبيكم محمد ( صلى الله عليه و سلم ) ، فقد قال :
(( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا )) ،
فصلوا و سلموا على الرحمة المهداة و النعمة المسداة
نبيكم محمد رسول الله ، فقد أمركم بذلك ربكم فى عُلاه
فقال في محكم تنزيله و هو الصادق في قيله :
( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً )
[ الأحزاب : 56 ] .
اللهم صلَّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك سيدنا و نبينا محمد ،
و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجه أمهاتنا أمهات المؤمنين ،
و أرض اللهم على الخلفاء الأربعة الراشدين أبى بكر و عمر و عثمان و على
و العشرة المبشرين و على سائر الصحابة و التابعين
و من سار على دربهم إلى يوم الدين
و عنا معهم بعطفك و جودك و كرمك يا أرحم الراحمين
اللهم أعز الإسلام و المسلمين و ............ ثم باقى الدعاء
اللهم أستجب لنا إنك أنت السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم أميـــــن
أنتهت