من:الأخ الزميل / إبراهيم أحمد
موقع يسارعون في الخيرات الصديق
مكروهات الصلاة 43
تأخير صلاة العصر لآخر وقتها
واعتياد ذلك
عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ
فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ
فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
( مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ )
رواه البخاري 520
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري
شرح صحيح البخاري 2/327
( ذِي غَيْمٍ ) :
قِيلَ خَصَّ يَوْمَ الْغَيْمِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّأْخِيرِ
إِمَّا لِمُتَنَطِّعٍ يَحْتَاطُ لِدُخُولِ الْوَقْتِ فَيُبَالِغُ فِي التَّأْخِيرِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ ،
أَوْ لِمُتَشَاغِلٍ بِأَمْرٍ آخَرَ فَيَظُنُّ بَقَاءَ الْوَقْتِ فَيَسْتَرْسِلُ فِي شُغْلِهِ
إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ .
( بَكِّرُوا ) :
أَيْ عَجِّلُوا ، وَالتَّبْكِيرُ يُطْلَقُ لِكُلِّ مَنْ بَادَرَ بِأَيِّ شَيْءٍ
كَانَ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ ، وَأَصْلُهُ الْمُبَادَرَةُ بِالشَّيْءِ أَوَّلَ النَّهَارِ .
( فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
الْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ ، وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ مَعْرِفَةُ تَيَقُّنِ دُخُولِ أَوَّلِ الْوَقْتِ
مَعَ وُجُودِ الْغَيْمِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَمِدُونَ فِيهِ إِلَّا عَلَى الشَّمْسِ ،
وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنَّ بُرَيْدَةَ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ مَعْرِفَةِ دُخُولِ الْوَقْتِ ،
لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ مِنْ أَنْ تَظْهَرَ الشَّمْسُ أَحْيَانًا .
ثُمَّ إِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إِذَا اِحْتَجَبَتْ الشَّمْسُ الْيَقِينُ بَلْ يَكْفِي الِاجْتِهَادُ .
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم
( مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ ) :
زَادَ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ مُتَعَمِّدًا
وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ .
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم
( فَقَدْ حَبِطَ ) :
تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَيْضًا الْحَنَابِلَةُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ
مِنْ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ يَكْفُرُ
وَأَمَّا الْجُمْهُورُ
فَتَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ ، فَافْتَرَقُوا فِي تَأْوِيلِهِ فِرَقًا .
فَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ سَبَبَ التَّرْكِ ،
وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ الْحَبَطَ ،
وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ الْعَمَلَ
فَقِيلَ :
الْمُرَادُ مَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا ،أَوْ مُعْتَرِفًا لَكِنْ مُسْتَخِفًّا
مُسْتَهْزِئًا بِمَنْ أَقَامَهَا . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي فَهِمَهُ الصَّحَابِيُّ
إِنَّمَا هُوَ التَّفْرِيطُ ، وَلِهَذَا أُمِرَ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهَا ،
وَفَهْمُهُ أَوْلَى مِنْ فَهْمِ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَقِيلَ
الْمُرَادُ مَنْ تَرَكَهَا مُتَكَاسِلًا لَكِنْ خَرَجَ الْوَعِيدُ مَخْرَجَ الزَّجْرِ
الشَّدِيدِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ
كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم
( لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ )
وَقِيلَ
هُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ كَأَنَّ الْمَعْنَى
فَقَدْ أَشْبَهَ مَنْ حَبِطَ عَمَلُهُ
وَقِيلَ
مَعْنَاهُ كَادَ أَنْ يَحْبَطَ
وَقِيلَ
الْمُرَادُ بِالْحَبَطِ نُقْصَانُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
الَّذِي تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى اللَّهِ ، فَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الصَّلَاةُ خَاصَّةً ،
أَيْ لَا يَحْصُلُ عَلَى أَجْرِ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَلَا يَرْتَفِعُ لَهُ عَمَلُهَا حِينَئِذٍ
وَقِيلَ
الْمُرَادُ بِالْحَبَطِ الْإِبْطَالُ أَيْ يَبْطُلُ اِنْتِفَاعُهُ بِعَمَلِهِ فِي وَقْتٍ مَا ثُمَّ يَنْتَفِعُ بِهِ ،
كَمَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ فِي الْمَشِيئَةِ
فَإِنْ غُفِرَ لَهُ فَمُجَرَّدُ الْوُقُوفِ إِبْطَالٌ لِنَفْعِ الْحَسَنَةِ إِذْ ذَاكَ
وَإِنْ عُذِّبَ ثُمَّ غُفِرَ لَهُ فَكَذَلِكَ .
قَالَ مَعْنَى ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَبْسُوطًا
فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي " بَابِ خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ
وَمُحَصِّلُ مَا قَالَ
[ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَبَطِ فِي الْآيَةِ غَيْرُ الْمُرَادِ بِالْحَبَطِ فِي الْحَدِيثِ ]
وَقَالَ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ :
[ الْحَبَطُ عَلَى قِسْمَيْنِ ،
حَبَطُ إِسْقَاطٍ
وَحَبَطُ مُوَازَنَةٍ
* حَبَطُ إِسْقَاطٍ وَهُوَ إِحْبَاطُ الْكُفْرِ لِلْإِيمَانِ وَجَمِيعِ الْحَسَنَاتِ
* وَحَبَطُ مُوَازَنَةٍ وَهُوَ إِحْبَاطُ الْمَعَاصِي لِلِانْتِفَاعِ بِالْحَسَنَاتِ عِنْدَ رُجْحَانِهَا
عَلَيْهَا إِلَى أَنْ تَحْصُلَ النَّجَاةُ فَيَرْجِعَ إِلَيْهِ جَزَاءُ حَسَنَاتِهِ .
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْعَمَلِ فِي الْحَدِيثِ عَمَلُ الدُّنْيَا الَّذِي يُسَبِّبُ الِاشْتِغَالَ بِهِ
تَرْكُ الصَّلَاةِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَتَمَتَّعُ ،]
وَأَقْرَبُ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ قَوْلُ مَنْ قَالَ :
[ إِنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ الشَّدِيدِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ ]
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .