قَوْلُهُ : (فَرَكَزَهَا)
أَيْ غَرَزَهَابِالْبَطْحَاءِ ) يعَنِي بَطْحَاءَمَكَّةَوَ هُوَ مَوْضِعٌ خَارِجَمَكَّةَ،
وَ هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْأَبْطُحُ ،قَالَهُ الْحَافِظُ ، قُلْتُ : وَ يُقَالُ لَهُ الْمُحَصَّبُ أَيْضًا
( يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَ الْحِمَارُ ) ، قَالَ الْحَافِظُ ، أَيْ بَيْنَ الْعَنَزَةِ وَ الْقِبْلَةِ لَابَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْعَنَزَةِ ،
فَفِي رِوَايَةِعَمْرِو بْنِ أَبِي زَائِدَةَ " وَ رَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيِالْعَنَزَةِ " .
قَوْلُهُ : ( وَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ)
الْحُلَّةُ بِضَمِّ الْحَاءِ إِزَارٌ وَ رِدَاءٌ ،قَالَالْجَزَرِيُّفِي النِّهَايَةِ : الْحُلَّةُ وَاحِدُ الْحُلَلِ
وَ هِيَ بُرُودُالْيَمَنِوَ لَا تُسَمَّى حُلَّةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسٍوَاحِدٍ .
قَوْلُهُ : (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ)
أَيْ لَمَعَانِهِمَا وَ الْبَرِيقُ اللَّمَعَانُ .
قَوْلُهُ : ) قَالَسُفْيَانُ)
هُوَ الثَّوْرِيُّ الرَّاوِي عَنْعَوْنٍ(نَرَاهُ حِبَرَةً)بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَ فَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ،
أَيْ نَظُنُّ أَنَّالْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَ سَلَّمَ لَمْ تَكُنْ حَمْرَاءَ بَحْتًا ،
بَلْ كَانَتْ حِبَرَةً يَعْنِي كَانَتْفِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ ، فَإِنَّ الْحِبَرَةَ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ
وَ الْمَجْمَعِ هِيَ ضَرْبٌ مِنْ بُرُودٍ مِنَالْيَمَنِمُوَشًّى مُخَطَّطٌ ، وَ قَالَابْنُ الْقَيِّمِ
: إِنَّ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ بُرْدَانِ يَمَانِيَّانِ مَنْسُوجَانِبِخُطُوطٍ حُمْرٍ مَعَ الْأَسْوَدِ ،
وَ غَلِطَ مَنْ قَالَ إِنَّهَا كَانَتْحَمْرَاءَ بَحْتًا ، قَالَ وَ هِيَ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ . انْتَهَى ،
وَ تَعَقَّبَالشَّوْكَانِيُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ وَصَفَهَا بِأَنَّهَا حَمْرَاءُوَ هُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ ،
وَ الْوَاجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَىالْحَقِيقِيِّ وَ هُوَ الْحَمْرَاءُ الْبَحْتُ ،
وَ الْمَصِيرُ إِلَى الْمَجَازِأَعْنِي كَوْنَ بَعْضِهَا أَحْمَرَ دُونَ بَعْضٍ لَا يُحْمَلُ ذَلِكَ الْوَصْفُعَلَيْهِ إِلَّا لِمُوجَبٍ ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى الْحُلَّةِالْحَمْرَاءِ لُغَةً فَلَيْسَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ ،
وَ إِنْأَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِيهَا فَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُلَا تَثْبُتُبِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى
. انْتَهَى كَلَامُالشَّوْكَانِيِّ
. وَ قَدْ عَقَدَ الْإِمَامُالْبُخَارِيُّفِي صَحِيحِهِ بَابًا بِلَفْظِ : بَابٌ الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ ،
وَ أَوْرَدَ فِيهِ هَذَاالْحَدِيثَ ، قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : يُشِيرُ إِلَى الْجَوَازِ وَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ
مَعَ الْحَنَفِيَّةِفَإِنَّهُمْ قَالُوا يُكْرَهُ وَ تَأَوَّلُوا حَدِيثَ الْبَابِ بِأَنَّهَا كَانَتْحُلَّةً مِنْ بُرُودٍ فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ ،
انْتَهَى . وَ يَأْتِي الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوْضِعِهَابِالْبَسْطِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُأَبِي جُحَيْفَةَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَ أَخْرَجَهُالْبُخَارِيُّوَ مُسْلِمٌإِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ إِدْخَالَ الْإِصْبَعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِوَ لَا الِاسْتِدَارَةَ .
وَ فِي الْبَابِ عَنْعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ
مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ "
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَمَرَبِلَالًاأَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ،
قَالَ إِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِكَ " ، أَخْرَجَهُابْنُ مَاجَهْوَ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ،
وَ فِي الْبَابِ رِوَايَاتٌ أُخْرَى .
قَوْلُهُ : ( وَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ
يُدْخِلَ الْمُؤَذِّنُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَذَانِ )
قَالُوا فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ : إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَرْفَعَ لِصَوْتِهِ وَ فِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ
أَبُو الشَّيْخِمِنْ طَرِيقِسَعْدِ الْقَرَظِعَنْبِلَالٍ . وَ ثَانِيَتُهُمَا أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لِيَعْرِفَ
مَنْ رَآهُ عَلَى بُعْدٍ أَوْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ ، قَالَهُ الْحَافِظُ وَ قَالَ :
لَمْ يَرِدْ تَعْيِينُ الْإِصْبَعِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ وَضْعُهَا وَ جَزَمَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا الْمُسَبِّحَةُ
وَ إِطْلَاقُ الْإِصْبَعِ مَجَازٌ عَنِ الْأُنْمُلَةِ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( وَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَ فِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا يُدْخِلُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ )
وَ هُوَ قَوْلُالْأَوْزَاعِيِّلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنَ السُّنَّةِ ، وَ أَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْأَذَانِ فَقِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ ،
قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ فِي شَرْحِ حَدِيثِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَمَرَبِلَالًاأَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ قَالَ :
إِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِكَ
مَا لَفْظُهُ : قَالَالطِّيبِيُّوَ لَعَلَّ الْحِكْمَةَ أَنَّهُ إِذَا سَدَّ صِمَاخَيْهِ لَا يَسْمَعُ إِلَّا الصَّوْتَ الرَّفِيعَ
فَيَتَحَرَّى فِي اسْتِقْصَائِهِ كَالْأَطْرَشِ ، قِيلَ وَ بِهِ يَسْتَدِلُّ الْأَصَمُّ عَلَى كَوْنِهِ أَذَانًا فَيَكُونُ
أَبْلَغَ فِي الْإِعْلَامِ ، قَالَابْنُ حَجَرٍ : وَ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ فِي الْإِقَامَةِ ؛
لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى أَبْلَغِيَّةِ الْإِعْلَامِ لِحُضُورِ السَّامِعِينَ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( وَ أَبُو جُحَيْفَةَ اسْمُهُ وَهْبٌ السُّوَائِيُّ)
بِمَضْمُومَةٍ وَ خِفَّةِ وَاوٍ فَأَلِفٍ فَكَسْرِ هَمْزَةٍ نِسْبَةًإِلَى سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرٍ ،
كَذَا فِي الْمُغْنِي .
وَ اللَّهُ تَعَالَى أعلى و أَعْلَمُ. و أجل