
02-13-2016, 02:24 PM
|
Senior Member
|
|
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 61,478
|
|
أهل الصدق
من:الأخت / الملكة نــور
أهل الصدق
إذا دخلوا في السماع الباطل
و لهذا كان بعض الصادقين إذا فارق السماع
بادر إلى تجديد التوبة و الاستغفار ،
و أخذ في أسباب التداوي التي يُدفع بها موجب أسباب
القبض و الوحشة و البعد.
و هذا القدر إنما يعرفه أولوا الفقه في الطريق أصحاب الفِطَن ،
المعتنون بتكميل نفوسهم ، و معرفة أدوائها و أدويتها و الله المستعان.
و لا ريب أن الصادق في سماع الأبيات قد يجد ذوقاً صحيحاً إيمانياً ،
و لكن ذلك بمنزلة من شرب عسلاً في إناء نجس.
و النفوس الصادقة ذوات الهمم العالية رفعت أنفسها عن الشراب
في ذلك الإناء تقذراً له ، ففرت منه لاستقامتها و طهارتها ،
و علو همتها فهي لا تشرب ذلك الشراب إلا في إناء يناسبه ،
فإذا لم يجد إناء يناسبه صانت الشراب عن وضعه في ذلك الإناء ،
و انتظرت أن يليق به.
و غيرها من النفوس تضع ذلك الشراب في أي إناء انفق لها ؛
من عظام ميتة أو جلد كلب أو خنزير أو إناء خمر ،
طالما ما شرب به الخمر ،
أو لا يستحي الغراب أن يشرب أطيب شراب
و ألذه في هذه الآنية ؟
و لو جرَّد الصادق ذلك في حال سماعه لوجد ذوقه من ذلك ،
و لكن حلاوة العسل تغيب عنه نتنه و قذره و أثر قبحه
على قلبه في تلك الحال ، فبعد مفارقته يوجب له ذلك وحشةً و قبضاً ،
هذا إذا كان صادقاً في حاله مع الله و كان سماعه لله و بالله.
و أما إن كان كاذباً كان سماعه للذة نفسه و حظه فهو يشرب النجاسات
في الآنية القذرات و لا يحس بشيء مما ذكرناه ؛
لاستيلاء الهوى و النفس و الشيطان عليه.
و أما صاحب السماع القرآني الذي تذوَّقه ، و شرب منه ،
فهو يشرب الشراب الطهور ، الطيب النظيف في أنظف إناءٍ ،
و أطيبه ، و أطهره .
فالآنية ثلاثة :
نظيف ،
و نجس ،
و مختلط.
و الشرابات ثلاثة :
طاهر
و نجس
و ممزوج .
أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة
|