من:الأخت / الملكة نــور
الشروع في بيان ثمرات الخشوع
و لما اطمأن قلبه بذكر الله ، و كلامه ، و محبته
و عبوديته سكن إلى ربه ، و قرب منه ، و قرَّت به عينه
فنال الأمان بإيمانه و نال السعادة بإحسانه ،
و كان قيامه بهذين الأمرين أمراً ضرورياً اه لا حياة له ،
و لا فلاح و لا سعادة إلا به .
و لما كان ما بُلي به من النفس الأمارة ،
و الهوى المقتضي لمرادها و الطباع المطالبة ،
و الشيطان المغوي ،
يقتضون منه إضاعة حظه من ذلك ،
أو نقصانه ،
اقتضت رحمة ربه العزيز الرحيم أن شَرَعَ له الصلاة
مُخلِفة عليه ما ضاع عليه من ذلك ، رادَّة عليه ما ذهب منه ،
مجددة له ما ذهب من عزمه و ما فقده ، و ما أخلِقَ من إيمانه ،
و جعل بين كل صلاتين برزخا من الزمان حكمة و رحمة ،
ليُجمّ نفسه ، و يمحو بها ما يكتسبه من الدرن ،
و جعل صورتها على صورة أفعاله ،
خشوعاً و خضوعاً و انقياداً و تسليماً و أعطى كل جارحة
من جوارحه حظَّها من العبودية ، و جعل ثمرتها و روحها إقباله
على ربه فيها بكليته ،
و جعل ثوابها و محلها الدخول عليه
تبارك و تعالى ، و التزين للعرض عليه
تذكيراً بالعرض الأكبر عليه يوم القيامة .
أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة