قَوْلُهُ : (وَ الْفَضِيلَةَ)
الْمَرْتَبَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ ، وَ يَحْتَمِلُأَنْ تَكُونَ مَنْزِلَةً أُخْرَى
أَوْ تَفْسِيرًا لِلْوَسِيلَةِ ، قَالَهُالْحَافِظُ .
قَوْلُهُ : (مَقَامًا مَحْمُودًا)
أَيْ يُحْمَدُ الْقَائِمُ فِيهِ وَ هُوَ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ مَا يَجْلِبُالْحَمْدَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ
وَ نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ ، أَيِابْعَثْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَقِمْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا ،
أَوْ ضَمَّنَابْعَثْهُ مَعْنَى أَقِمْهُ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ ، وَ مَعْنَىابْعَثْهُ أَعْطِهِ .
قَوْلُهُ : (الَّذِي وَعَدْتَهُ)
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : زَادَ فِي رِوَايَةِالْبَيْهَقِيِّ : إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ .
وَ قَالَالطِّيبِيُّالْمُرَادُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا وَ أُطْلِقَ عَلَيْهِالْوَعْدُ ؛
لِأَنَّ " عَسَى " مِنَ اللَّهِ وَاقِعٌ كَمَا صَحَّ عَنِابْنِ عُيَيْنَةَوَ غَيْرِهِ ،
وَ الْمَوْصُولُ إِمَّا بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْخَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَ لَيْسَ صِفَةً لِلنَّكِرَةِ ،
وَ وَقَعَ فِيرِوَايَةِالنَّسَائِيِّوَ ابْنِ خُزَيْمَةَوَ غَيْرِهِمَا الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ بِالْأَلِفِ
وَ اللَّامِفَيَصِحُّ وَصْفُهُ بِالْمَوْصُولِ قَالَابْنُ الْجَوْزِيِّ
: وَ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِالشَّفَاعَةُ ، وَ قِيلَ إِجْلَاسُهُ عَلَى الْعَرْشِ ،
وَ قِيلَ عَلَى الْكُرْسِيِّ، وَ حَكَى كُلًّا مِنَ الْقَوْلَيْنِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَ عَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ
لَا يُنَافِي الْأَوَّلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِجْلَاسُ عَلَامَةَالْإِذْنِ فِي الشَّفَاعَةِ ،
وَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَقَامِالْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةَ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ ،
وَ أَنْ يَكُونَ الْإِجْلَاسُهِيَ الْمَنْزِلَةَ الْمُعَبَّرَ عَنْهَا بِالْوَسِيلَةِ أَوِ الْفَضِيلَةِ ،
وَ وَقَعَ فِي صَحِيحِابْنِ حِبَّانَمِنْ حَدِيثِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍمَرْفُوعًايَبْعَثُ اللَّهُ النَّاسَ
فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ ،فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ فَذَلِكَ الْمَقَامُالْمَحْمُودُ
وَ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ هُوَ الثَّنَاءُالَّذِي يُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيِ الشَّفَاعَةِ ،
وَ يَظْهَرُ أَنَّ الْمَقَامَالْمَحْمُودَ هُوَ مَجْمُوعُ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ،
وَ يُشْعِرُقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ " حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي "
بِأَنَّ الْأَمْرَ الْمَطْلُوبَ لَهُ الشَّفَاعَةُ وَ اَللَّهُ أَعْلَمُ . انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ .
قَوْلُهُ : )إِلَّا حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ(
أَيِ اسْتُحِقَّتْ وَ وَجَبَتْ أَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ ، يُقَالُ حَلَّيَحُلُّ بِالضَّمِّ إِذَا نَزَلَ ،
وَ اللَّامُ بِمَعْنَى " عَلَى " ، وَ يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُمُسْلِمٍ : حَلَّتْ عَلَيْهِ ،
وَ وَقَعَ فِيالطَّحَاوِيِّمِنْ حَدِيثِابْنِ مَسْعُودٍ " وَجَبَتْ لَهُ " وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَلَّتْ مِنَ الْحِلِّ ؛
لِأَنَّهَا لَمْتَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحَرَّمَةً ، كَذَا فِي الْفَتْحِ ،
وَ فِيرِوَايَةِالْبُخَارِيِّحَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي بِدُونِ إِلَّا وَ هُوَ الظَّاهِرُ ،
وَ أَمَّامَعَ إِلَّا فَيُجْعَلُ " مَنْ " فِي " مَنْ قَالَ " اسْتِفْهَامِيَّةً لِلْإِنْكَارِ ،
قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ . وَ قَالَالسُّيُوطِيُّفِي حَاشِيَةِالنَّسَائِيِّمَا لَفْظُهُ
: وَ قَوْلُهُ هُنَا وَ فِي رِوَايَةِالتِّرْمِذِيِّ " إِلَّا " يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ ،
وَ تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَىمَعْنَى لَا يَقُولُ ذَلِكَ أَحَدٌ إِلَّا حَلَّتْ ، انْتَهَى .
فَائِدَةٌ :
قَدِ اشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فِي هَذَا الدُّعَاءِ زِيَادَتَانِ ، الْأُولَى إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ فِي آخِرِهِ ،
وَ الثَّانِيَةُ وَ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَ الْفَضِيلَةَ ،
أَمَّا الْأُولَى فَقَدْ وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ كَمَا عَرَفْتَ ،
وَ أَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَمْ أَجِدْهَا فِي رِوَايَةٍ ،
قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : أَمَّا زِيَادَةُ الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ الْمَشْهُورَةُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ
فَقَالَالْبُخَارِيُّ : لَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُجَابِرٍحَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . . . إِلَخْ ) ،
بَلْ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدِ التِّرْمِذِيِّ
قَالَ الْحَافِظُ : فَهُوَ غَرِيبٌ مَعَ صِحَّتِهِ ، وَ قَدْ تُوبِعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَلَيْهِ عَنْ جَابِرٍ
أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ ،
كَذَا فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي .
انْتَهَى .
وَ اللَّهُ تَعَالَى أعلى و أَعْلَمُ. و أجل
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
</h4></h4>