أخلاقنا الإسلامية العظيمة
ترك مالا يعنيك
بسم الله والصلاة و السلام على سيدنا رسول الله
أحمد الله وأستعينه و أستغفره و ما توفيقى إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب .
تتنوع المردافات الخاصة بالتطفل و التدخل فى شئون الغير
فالبعض يسمونها حب إستطلاع و البعض الآخر تعارف
و هناك من يطلقون عليها زيادة فى الإطمئنان .
و لكننى لا أرى في كل هذه المسميات إلا تدخلا صارخاً و غير مقبول
فى شئون الخلق و إجبارهم على الكذب
فى كثير من الأحيان هروباً من أمر لا يرغبون فى إعلانه أو شأناً لا يحبون التحدث فيه .
و كم من إنسان يباغتك بالتساؤلات و يلاحقك بالإستفسارات
لمجرد ان يرضى فضولاً داخلياً أو رغبة غير مبررة فى معرفة ما يخصك .
و من عظمة ديننا العظيم أنه لم يترك سلوكاً معوجاً من سلوكيات البشر
إلا و دلنا على طرق العلاج و الدواء .
و أوصانا بأن نهتم بأمورنا دون ملاحقة الآخرين بما يضايقهم
أو يمزق أواصر الترابط رغبة فى تحاشى التحدث او الإلتقاء بالمتطفل .
و بالتأكيد ليس معنى ذلك ألا تسأل عن اخيك المسلم إن غاب عنك لمرض
أو ظروف مع مراعاة عدم الألحاح
فى معرفة نوعية مرضه بشكل يستفزه و يثير حفيظته .
و كم من أمور شخصية و حساسة لا يحب أحد ان يخبر بها احداً
و يجب علينا ان نراعى هذه الأمور حتى لا نكون اشخاصاً غير مرغوب فيهم .
و قد يترتب على ذلك العديد و العديد من المشكلات خاصة التى تحدث بين الزوجين
نتيجة لهذا التطفل و خاصة من أم الزوجة أو أم الزوج و التى تلح
على أبنتها أو أبنها فى معرفة دواخل الأمور و خصوصيات المعيشة بينهما
مما يزيد الإحتقان بين الأُسر و تغيير النفوس .
لذلك يجب على الأهل جميعاً مراعاة الخصوصية و عدم التطفل بين الزوجين .
إن التطفل آفة من آفات هذا العصر و إن أردت ان تصبح محبوباً
فلا تتدخل فيما لا يعنيك و دع لكل شأنه و أستغل أوقاتك فيما يفيد
فما ورائك كثير و ماعليك إنجازه فى هذه الدنيا أكثر .
أقوال فى ترك ما لا يعنيك
من القرآن الكريم :
{ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
من السنة المطهرة :
" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "
الراوي: أبو هريرة المحدث: النووي -
المصدر: الأربعون النووية - الصفحة أو الرقم : 24
خلاصة حكم المحدث: حسن
السلف الصالح :
قصة طريفة عن متطفل
روي عن عبد الرحمن بن عمر الفهري أنه قال ، أمر المأمون أن يحمل إليه
عشرة من أهل البصرة كانوا قد رموا بالزندقة فحملوا فرآهم أحد الطفيلية
قد أجتمعوا بالساحل فقال ما اجتمع هؤلاء إلا لوليمة فدخل معهم
و مضى بهم الموكلون إلى البحر و أطلعوهم في زورق قد أعد لهم ،
فقال الطفيلي لا شك أنها نزهة فصعد معهم في الزورق فلم يكن بأسرع من أن قيدوا
و قيد الطفيلي معهم فعلم أنه قد وقع و رام الخلاص فلم يقدر .
و ساروا بهم إلى أن دخلوا بغداد و حملوا حتى دخلوا على المأمون مثلوا بين يديه ،
أمر بضرب أعناقهم فاستدعوهم بأسمائهم حتى لم يبق إلاَّ الطفيلي وهو خارج عن العدة
فقال لهم المأمون : من هذا قالوا و الله ما ندري يا أمير المؤمنين
غير أنا وجدناه مع القوم فجئنا به
فقال له المأمون : ما قصتك ؟
قال يا أمير المؤمنين، امرأتي طالق إن كنت أعرف من أقوالهم شيئا
ولا أعرف غير لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
إنما رأيتهم مجتمعين فظننت أنهم يدعون إلى وليمة فالتحقت بهم .
فضحك المأمون ثم قال : بلغ من شؤم التطفل إن أحلّ صاحبه هذا المحل ،
لقد سلم هذا الجاهل من الموت و لكن يؤدب حتى يتوب .
أختكم فى الله
أمانى صلاح الدين