
03-06-2016, 02:26 PM
|
Senior Member
|
|
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 61,465
|
|
الحلال بيّن والحرام بيّن
من:الأخت / الملكة نــور
الحلال بيّن والحرام بيّن
قال تعالي :
{ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ }
[ البقرة : 41 ]
بالمناسبة : أحياناً يفتي الإنسان فتوى فيأخذ ثمنها باهظاً ،
ولكنها فتوى باطلة ،
لذلك أخطر إنسان هو الذي يُفتي بخلاف ما يعلم ،
الذي يُفتي وهو لا يعلم مُحاسَب ،
أما الذي يُفتي بخلاف ما يعلم هذا اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً ،
أنت تفاجأ أن لكل معصية فتوى ، الآن في العالَم الإسلامي أيّ معصية
لها فتوى كاملة ، فلا توجد مشكلة ، ولكن لم يبق شيء في الدين ،
إذا كان الربا مسموحاً ، فتوى رسميَّة ، إذا كان هذا مسموحاً ،
وهذا مسموح ، فما الذي بقى محرَّماً
قال تعالي :
{ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
[ البقرة : 42 ]
العمليَّة عمليَّة تزوير ،
الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمورٌ مشتبهات ،
يأتي المنافق ويجمع شيئاً من الحق وشيئاً من الباطل كيف ؟
يقول لك يا أخي الله عزَّ وجل قال :
{ لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً }
[ آل عمران : 130 ]
معنى هذا حسب مفهومه
إذا أخذ الإنسان أضعافاً قليلة فهو ليس مؤاخذاً
{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ }
[ البقرة : 43 , 44 ]
هذا أخطر شيء بالدعوة ، وأخطر شيء يصيب أهل الدين الازدواجيَّة ،
أي هناك نصوص وهناك طقوس وعبادات ، أما المعاملة فهي شيءٌ آخر ،
عندما تنفصل المعاملة عن العبادة انتهى الدين ،
يوجد في الدين عبادة تعامليَّة ، وعبادة شعائريَّة ، وهما متكاملتان ،
والعبادة الشعائريَّة لا قيمة لها إلا بالتعامليَّة ،
فإذا ألغينا التعامليَّة ألغينا الدين كلَّه
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ
وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }
[ البقرة : 44 ]
يتعلم الناس بعيونهم لا بآذانهم ، ولغة العمل أبلغ من لغة القول ،
والذي يشدُّ الناس إلى الدين المُثُل العُليا ، أما الكلام فلا يؤثِّر ،
الكلام لا يُحرِّك ساكناً ، جاء الأنبياء بالكلمة فقط ،
ولكن بالكلمة التي يؤكِّدها الواقع ،
فلو سألتني : ما سر نجاح دعوة الأنبياء ،
وإخفاق دعوة الدعاة في أيامنا ؟
لأنه لا توجد عند النبي ازدواجيَّة أبداً ، فالذي قاله فعله ،
والذي فعله قاله ، فالانسجام تام بين أقواله وأفعاله ،
ينبغي على المؤمن أن تكون سريرته كعلانيَّته ، وظاهره كباطنه ،
وما في قلبه على لسانه
{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ }
[ البقرة : 43 ]
الإنسان له علاقتان ؛ علاقةٌ مع الخلق ، وعلاقةٌ مع الحق ،
العلاقة مع الحق الاتصال به عن طريق الاستقامة على أمره ،
وعلاقته مع الخلق الإحسان إليهم ،
فإذا أردت أن تجمع الدين كلَّه ففي كلمتين :
اتصالٌ بالخالق وإحسانٌ إلى المخلوق ،
وإن أردت أن تبحث عن علاقةٍ بينهما ،
فهناك علاقة ترابطيَّة بينهما ،
فكل اتصالٍ بالخالق يعينك على أن تُحْسِنْ
إلى المخلوق ، إنك بهذا الاتصال تشتقُّ من كمال الله ،
وكل إحسانٍ إلى المخلوق يعينك على الاتصال بالخالق
{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ }
[ البقرة : 43 ]
هي الدين كلُّه ، أي أحسنوا إلى المخلوقات واتصلوا بي ،
أو اتصلوا بي كي تُحْسِنوا إلى المخلوقات ،
والإحسان إلى الخلق ثمن الجنَّة وهي السعادة الأبديَّة ،
نحن مخلوقون لدار إكرام ثمنها الإحسان للخلق ،
فلذلك حينما تؤمن بالآخرة لك ميزان آخر ،
ميزان آخر بخلاف موازين الدنيا ،
مثلاً إذا أُتيح لك مغنم كبير ولم تأخذه يتهمك أهل الدنيا بالجنون ،
أما أهل الإيمان فيضعون الدنيا تحت أقدامهم ابتغاء مرضاة ربِّهم ،
ولله حكمةٌ بالغة حينما يضع المؤمن بين خيارين صَعبين ،
إما الدنيا وإما الآخرة
{ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ }
[ البقرة : 43 ]
أي أنك ينبغي أن تكون ضمن جماعة ،
لأن الجماعة رحمة والفرقة عذاب
هناك منافسة ضمن الجماعة ،
وهناك تصحيح مسار دائماً ضمن الجماعة ،
وهناك رغبة بالتفوُّق ،
هل سمعت بكل حياتك مسابقة بلا جماعة ،
هل يمكن لإنسان أن يركض وحده
ويقول لك : أنا كنت الأول ، على من فزت بالأول ؟
{ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ }
[ البقرة : 43 ]
يتوهم الإنسان بالعُزلة أوهاماً مضحكة ، يبني قصوراً من الأوهام ،
ولكنه يتحجم عندما يقيم مع الآخرين ، وهذا التحجيم صحِّي ،
قد تتوهِّم أنك أكبر مؤمن ، فعندما تجلس مع مؤمن أكبر منك
ترى أن عملك لا شيء أمام عمله ، إخلاصك أقل من إخلاصه ،
طموحك أقل من طموحه ، تتحجَّم ، فهذا التحجيم ضروري جداً للإنسان ،
هذا التحجيم منطلق العطاء ، منطلق التفوّق ،
أما لو أنك توهَّمت أنك في مستوى رفيع جداً ، وأنت بعيد عن المجتمع
هذا الوهم غير صحيح ، هذا يُقْعِدُكَ عن طلب العُلا
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي
|