قَوْلُهُ : ( عَنِالْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ)
بِالْمُعْجَمَةِ وَ الْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرٌ الْعِجْلِيِّ أَبِي الطُّفَيْلِ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ .
قَوْلُهُ : ( يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ إِلَى جَنْبِهِ )
تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ كُنَّا نَتَكَلَّمُ زَادَالْبُخَارِيُّبِحَاجَتِهِ ،
قَالَ الْحَافِظُ : وَ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهَا بِكُلِّ شَيْءٍ
وَ إِنَّمَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَ نَحْوِهِ
حَتَّى نَزَلَتْ{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}أَيْ سَاكِتِينَ .
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنِابْنِ مَسْعُودٍوَمُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ)
أَمَّا حَدِيثُابْنِ مَسْعُودٍفَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ : قَالَ :
كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا
فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِالنَّجَاشِيِّسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا
فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا ،
فَقَالَ : إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا.
وَ أَمَّا حَدِيثُمُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِفَأَخْرَجَهُمُسْلِمٌبِلَفْظِ : قَالَ :
بَيْنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ
فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ
فَقُلْتُ : وَ اثُكْلَ أُمِّيَاهُ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟
فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ،
فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ ،
فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
فَبِأَبِي هُوَ وَ أُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ،
فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَ لَا ضَرَبَنِي وَ لَا شَتَمَنِي ، قَالَ :
( إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ،
إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَ التَّكْبِيرُ وَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ )، الْحَدِيثَ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُالتِّرْمِذِيُّمِنْ وَجْهٍ آخَرَ .
قَوْلُهُ : ( وَ هُوَ قَوْلُالثَّوْرِيِّوَ ابْنِ الْمُبَارَكِ)
وَ هُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ ( وَ قَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَكَلَّمَ عَامِدًا فِي الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ ،
وَ إِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَجْزَأَهُ ، وَ بِهِ يَقُولُالشَّافِعِيُّ)وَ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ،
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ
عَامِدًا لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا أَوْ إِنْقَاذِ مُسْلِمٍ مُبْطِلٌ لَهَا ، وَ اخْتَلَفُوا فِي السَّاهِي وَ الْجَاهِلِ
فَلَا يُبْطِلُهَا الْقَلِيلُ مِنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَ أَبْطَلَهَا الْحَنَفِيَّةُ ، انْتَهَى .
وَ قَالَالْعَيْنِيُّفِي عُمْدَةِالْقَارِيِّ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ
عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا أَوْ لِغَيْرِ إِنْقَاذِ هَالِكٍ أَوْ شُبْهَةٍ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ ،
وَ أَمَّا الْكَلَامُ لِمَصْلَحَتِهَا فَقَالَأَبُو حَنِيفَةَوَ الشَّافِعِيُّوَ مَالِكٌوَ أَحْمَدُ : تَبْطُلُ الصَّلَاةُ ،
وَ جَوَّزَهُالْأَوْزَاعِيُّوَ بَعْضُ أَصْحَابِمَالِكٍوَ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ ،
وَ أَمَّا النَّاسِي فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْكَلَامِ الْقَلِيلِ عِنْدَالشَّافِعِيِّ،
وَ بِهِ قَالَمَالِكٌوَ أَحْمَدُوَ الْجُمْهُورُ ، وَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا تَبْطُلُ ،
وَ قَالَالنَّوَوِيُّ : دَلِيلُنَا حَدِيثُذِي الْيَدَيْنِ، وَ أَجَابَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا :
إِنَّ حَدِيثَ قِصَّةِذِي الْيَدَيْنِمَنْسُوخٌ بِحَدِيثِابْنِ مَسْعُودٍوَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ؛
لِأَنَّذَا الْيَدَيْنِقُتِلَ يَوْمَبَدْرٍكَذَا رُوِيَ عَنِالزُّهْرِيِّ، وَ أَنَّ قِصَّتَهُ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ قَبْلَبَدْرٍ،
وَ لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا كَوْنُأَبِي هُرَيْرَةَرَوَاهُ وَ هُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ عَنْبَدْرٍ؛
لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يَرْوِي مَا لَا يَحْضُرُهُ بِأَنْ يَسْمَعَهُ
مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ ، انْتَهَى كَلَامُالْعَيْنِيِّ .
قُلْتُ : هَذَا الْجَوَابُ الَّذِي نَقَلَهُالْعَيْنِيُّعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَدْ رَدَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ الرَّائِقِ
حَيْثُ قَالَ : هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا فِي صَحِيحِمُسْلِمٍعَنْهُ أَيْ عَنْأَبِي هُرَيْرَةَ
: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ سِيَاقُ الْوَاقِعَةِ
وَ هُوَ صَرِيحٌ فِي حُضُورِهِ ، فَحَدِيثُأَبِي هُرَيْرَةَحُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ ،
فَإِنَّ كَلَامَ النَّاسِي وَ مَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لَا يُفْسِدُهَا وَ لَمْ أَرَ عَنْهُ جَوَابًا شَافِيًا ، انْتَهَى .
قُلْتُ : الْأَمْرُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ الرَّائِقِ لَا شَكَّ فِي حُضُورِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي وَاقِعَةِ ذِي الْيَدَيْنِ ،
فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ صَرِيحَةٍ ، فَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ :
صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ،
وَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَ أَحْمَدَ وَ غَيْرِهِمَا : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ،
وَ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا مَبْسُوطًا
فِي بَابِ مَا جَاءَ يُسَلِّمُ الرَّجُلُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ فَتَذَكَّرْ .