
04-21-2016, 02:08 PM
|
Senior Member
|
|
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 61,441
|
|
نداءات المؤمنين- الجزء الأول
من:الأخت / الملكة نــور
نداءات المؤمنين
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم
( الجزء الأول )
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ }
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ،
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ،
ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
البشر عند الله صنفان لا ثالث لهما :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ
لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ }
[ البقرة : 254 ]
لابدّ من مقدمة ، هؤلاء البشر الستة آلاف مليون ، أو هؤلاء البشر
من آدم إلى يوم القيامة مصنفون في مقاييس البشر بمئات التصنيفات ،
لكنهم جميعاً عند الله صنفان لا ثالث لهما ، صنف عرف الله فانضبط
بمنهجه ، وأحسن إلى خلقه ، فسلم وسعد في الدنيا والآخرة ، وصنف غفل
عن الله وتفلت من منهجه ، وأساء إلى خلقه ، فشقي وهلك في الدنيا
والآخرة ، ولن تجد صنفاً ثالثاً ،
قد يقول أحدكم ما الدليل ؟
لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، الدليل قوله تعالى :
{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى *
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى }
[ الليل : 1 - 4 ]
1 ـ صنف عرف الله فانضبط بمنهجه وأحسن إلى خلقه
فسلم وسعد في الدنيا والآخرة :
متنوع مليون اتجاه لكنهم جميعاً يصبون في خانتين، دقق :
{ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى }
[ الليل : 5 , 6 ]
بنى حياته على العطاء ، بالتعبير المعاصر بنى استراتيجيته على العطاء ،
يعيش ليعطي من كل شيء ، من علمه ، من ماله ، من جاهه ، من وقته ،
من خبرته ، من عضلاته :
{ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى }
[ الليل : 5 ]
واتقى أن يعصي الله ، يعني استقامة وعمل صالح :
{ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى }
من بنى حياته على العطاء ساق الله له كل شيء لصالح دخوله الجنة
الترتيب يبدو معكوساً هو صدق بالحسنى ، صدق أنه مخلوق للجنة ،
وأنه جاء إلى الدنيا ليدفع ثمن الجنة ، الاستقامة سلبية
والعمل الصالح إيجابي ، الاستقامة ما غششت ، ما أكلت مالاً حراماً ،
ما اغتبت ، ما أسأت ، ما كذبت ، سلبية ، أعطى من وقته ، من ماله ،
من علمه ، من خبرته ، من جاهه :
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى }
[ الليل : 5 - 7 ]
هذا أول صنف ، هذا الصنف في جميع البلاد موجود ، أعطى واتقى
وصدق بالحسنى ، أي صدق بالحسنى فاتقى أن يعصي الله ،
فبنى حياته على العطاء ، يعني أعطى لأنه صدق بالحسنى ،
اتقى لأنه صدق بالحسنى ، الرد الإلهي لكل واحد منا :
{ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى }
[ الليل : 7 ]
سوف يسوق له ربنا كل شيء لصالحه ، لصالح سعادته ،
لصالح سلامته ، لصالح فوزه ، لصالح دخوله الجنة :
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى }
[ الليل : 5 - 7 ]
2ـ صنف غفل عن الله وتفلت من منهجه وأساء إلى خلقه
فشقي وهلك في الدنيا والآخرة :
الصنف الثاني :
{ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى }
[ الليل : 9 ]
آمن بالدنيا ، الجنة والنار في الدنيا ، الغني في جنة
والفقير في جنة ، فاستغنى أن يطيع الله ، لا يوجد حاجة يطيعه ،
وبنى حياته على الأخذ صدقوا لن تجد على سطح الأرض في
الستة آلاف مليون صنفاً ثالثاً :
{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى* وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى*
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى *
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }
[ الليل : 1 - 10 ]
من أراد الدنيا و سعى لها كذب بالحسنى و النار مثوى له :
هو لماذا كذب بالحسنى ؟
لأنه أراد الدنيا ، ما هو الشيء الذي هو مادة الشهوات
تشتري سيارة وبيتاً وتتزوج أجمل امرأة وتسكن بأحلى قصر ؟
المال، اسمع الآية :
{ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى }
[ الليل : 11 ]
في القبر، ترك إنسان مئات الملايين صديق المتوفى
رأى ابن المتوفى قال إلى أين أنت ذاهب ؟
قال له ذاهب لأشرب الخمر على روح أبي .
ترك مالاً والابن جاهل :
{ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى }
[ الليل : 11 ]
في القبر ، بيته الفخم ، أمواله الطائلة ، الأموال المنقولة
وغير المنقولة ، مركبته الفارهة ، مقتنياته الثمينة ،
التحف النفيسة ، خصوصياته ، يؤخذ منه كله .
كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب
ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك :
لذلك جاءت الآية الكريمة :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا }
[ البقرة : 256 ]
يا من آمنتم بالآخرة ، يا من آمنتم بجنة عرضها السماوات
والأرض ، يا من آمنتم أنكم مخلوقون للجنة :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا َ }
[ البقرة : 254 ]
وكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، نحن من خطأنا الفادح
نتوهم أن الدين صلاة وصوم وحج وزكاة انتهى الأمر،
والله و أبالغ الدين خمسمئة ألف بند ، منهج تفصيلي يبدأ من
فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، في بيتك ، في طعامك ،
في شرابك ، في نومك ، في مزاحك ، في غضبك ، في رضاك ،
في أن تأخذ حقك ممن اعتدى عليك :
{ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ }
[ الشورى : 40 ]
يقول لك سأكيل له الصاع عشرة أصواع بخلاف القرآن ، فيا أيها الأخوة ،
كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، طبعاً عند علماء الأصول
ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك.
الأمر في القرآن الكريم إما أمر ندب أو أمر إباحة أو أمر تهديد :
إذا الله عز وجل قال :
{ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }
[ الكهف : 29 ]
هذه لام الأمر ،
هل يعقل أن يأمرنا الله أن نكفر ؟
هذا اسمه أمر تهديد، إذا قال تعالى:
{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }
[ الأعراف : 31 ]
كلوا واشربوا ، لست جائعاً هذا أمر إباحة، إذا قال تعالى:
{ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ }
[ النور : 32 ]
ما معه يتزوج هذا أمر ندب ، هناك أمر ندب ،
أمر إباحة ، أمر تهديد. على كل إنسان أن يبني حياته
على العطاء لا على الأخذ
أما كل أمر إن فقد القرينة التي تدل على عكس الأمر
فهو أمر يقتضي الوجوب :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ َ }
[ البقرة : 254 ]
مطلقة ، إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، أنت متفوق بالرياضيات
لك ابن أخ ضعيف بالرياضيات أنفق من اختصاصك لخدمة ابن أخيك
هذا إنفاق ، فلان صديقك وعنده إنسان مظلوم ولك مكانة عنده اذهب إليه ،
أنا أنفق من جاهي من صداقتي لهذا الإنسان , ابن حياتك على العطاء.
الأقوياء قمم أهل الدنيا و الأنبياء قمم أهل الآخرة :
الآن أقول هذا الهرم البشري الستة آلاف مليون يقع على رأسهم
زمرتان ، أقوياء وأنبياء ، قمم أهل الدنيا الأقوياء ، وقمم أهل الآخرة
الأنبياء ، والأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ،
ماذا ترك النبي عليه الصلاة والسلام ؟
قال يا رب :
( لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ، و َمَا يُخَافُ أَحَدٌ ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ ،
وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ ) .
أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان عَنْ أَنَسٍ
صححه الالبانى
كانت غرفته لا تتسع لصلاته ونوم زوجته ، صغيرة جداً ،
أعطى ولم يأخذ ، والأقوياء الفراعنة أخذوا من الناس كل شيء ،
أخذوا جهدهم ، أخذوا وقتهم ، هذه الأهرامات مبنية بعرق شعب بائس
مسحوق فقير مضطهد ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، والأنبياء أعطوا
ولم يأخذوا ، والأنبياء ملكوا القلوب ، اذهب إلى المدينة المنورة
قف أمام المقام الشريف كم إنسان يبكي أمامه ؟ ما التقوا معه ،
ما أخذوا منه شيئاً ، ملكوا القلوب بكمالهم ،
سيدنا الصديق له جارة يقدم لها بعض الخدمات يحلب لها الشياه ،
فلما أصبح خليفة المسلمين دخل الألم على هذه الجارة لأن هذه الخدمة
في ظنها توقفت ، في صبيحة يوم استلام الخلافة طرق باب الجارة
صاحبة البيت قالت لابنتها :
افتحي الباب يا بنيتي ،
ثم سألتها من الطارق ؟
قالت جاء حالب الشاة يا أماه ،
قالت إنه أمير المؤمنين .
هكذا ربى النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه ،
اشتهى اللحم سيدنا عمر قال قرقر أيها البطن أو لا تقرقر
والله لن تذوق اللحم حتى يشبع منه صبية المسلمين ، ربى أصحابه
ليكونوا أعلاماً في الأرض هذا الدين يا أخوان ، الدين تواضع ،
الدين عطاء ، الدين خدمة ، فلذلك : الأنبياء ملكوا القلوب ،
والأقوياء ملكوا الرقاب ، الأنبياء عاشوا للناس ، حياتهم لخدمة البشر ،
والأقوياء عاش الناس لهم .
والحمد لله رب العالمين
|