قَوْلُهُ : ( حَدِيثُعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍحَدِيثٌ حَسَنٌ )
وَ أَخْرَجَهُالنَّسَائِيُّوَ ابْنُ مَاجَهْقَالَالنَّوَوِيُّفِي الْخُلَاصَةِ : وَ قَدْ ضَعَّفَ الْحُفَّاظُ هَذَا الْحَدِيثَ ،
وَ أَنْكَرُوا عَلَىالتِّرْمِذِيِّتَحْسِينَهُكَابْنِ خُزَيْمَةَوَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّوَالْخَطِيبِ،
وَ قَالُوا : إِنَّ مَدَارَهُ عَلَىابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍوَ هُوَ مَجْهُولٌ انْتَهَى ،
وَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ : وَقَعَ فِي رِوَايَةٍلِلطَّبَرَانِيِّعَنْيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ
وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مُسْنَدِأَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى .
وَ قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ : ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍعَنْ أَبِيهِ فِي تَرْكِ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ،
وَ عَنْهُأَبُو نَعَامَةَالْحَنَفِيُّ قِيلَ اسْمُهُ يَزِيدُ ، قُلْتُ : ثَبَتَ كَذَلِكَ فِي مُسْنَدِأَبِي حَنِيفَةَلِلْبُخَارِيِّانْتَهَى ،
وَ قَدْ أَطَالَ الْحَافِظُالزَّيْلَعِيُّالْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ،
ثُمَّ قَالَ : وَ بِالْجُمْلَةِ فَهَذَا حَدِيثٌ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ وَ هُوَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ
مِنْ أَقْسَامِ الصَّحِيحِ فَلَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ ، وَ قَدْ حَسَّنَهُالتِّرْمِذِيُّ،
وَ الْحَدِيثُ الْحَسَنُ يُحْتَجُّ بِهِ لَا سِيَّمَا إِذَا تَعَدَّدَتْ شَوَاهِدُهُ ، وَ كَثُرَتْ مُتَابَعَاتُهُ انْتَهَى كَلَامُهُ ،
قُلْتُ : لَمْ أَجِدْ تَرْجَمَةَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً قَابِلًا لِلِاحْتِجَاجِ
فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَالزَّيْلَعِيُّ، مِنْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَقْسَامِ الصَّحِيحِ
فَلَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ وَ إِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ )
وَ اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْبَابِ ، وَ بِحَدِيثِأَنَسٍ
)أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَوَ أَبَا بَكْرٍوَ عُمَرَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِـ
( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)أَخْرَجَهُالْبُخَارِيُّوَ مُسْلِمٌزَادَمُسْلِمٌ
) لَا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَ لَا فِي آخِرِهَا( ،
وَ فِي رِوَايَةٍلِأَحْمَدَوَ النَّسَائِيِّوَ ابْنِ خُزَيْمَةَلَا يَجْهَرُونَ بِـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَ فِي أُخْرَىلِابْنِ خُزَيْمَةَكَانُوا يُسِرُّونَ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ : وَ عَلَى هَذَا يُحْمَلُ النَّفْيُ فِي رِوَايَةِمُسْلِمٍخِلَافًا لِمَنْ أَعَلَّهَا انْتَهَى ،
وَ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي : فَانْدَفَعَ بِهَذَا تَعْلِيلُ مَنْ أَعَلَّهُ بِالِاضْطِرَابِكَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ،
لِأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا أَمْكَنَ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ انْتَهَىقُلْتُ : وَ الْعِلَّةُ الَّتِي أَعَلَّهَا بِهَا مَنْ أَعَلَّهَا
هِيَ أَنَّالْأَوْزَاعِيَّرَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ عَنْقَتَادَةَمُكَاتَبَةً ،
وَ قَدْ رُدَّتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا ، بَلْ قَدْ رَوَاهَا غَيْرُهُ رِوَايَةً صَحِيحَةً .
فَإِنْ قُلْتَ : رُوِيَ عَنْأَنَسٍإِنْكَارُ ذَلِكَ فَرَوَىأَحْمَدُوَ الدَّارَقُطْنِيُّ
مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ :
سَأَلْتُأَنَسًاأَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وَ قَالَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ مَا أَحْفَظُهُ أَوْ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ ،
قَالَالدَّارَقُطْنِيُّ : إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ .
قُلْتُ : قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ : وَ أَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ إِنْكَارِ أَنَسٍ فَلَا يُقَاوَمُ
مَا يَثْبُتُ عَنْ خِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ ، وَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنَسٌ نَسِيَ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَكِبَرِهِ ،
وَ قَدْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرًا كَمَا سُئِلَ يَوْمًا عَنْ مَسْأَلَةٍ ، فَقَالَ : عَلَيْكُمْ بِالْحَسَنِ فَاسْأَلُوهُ
فَإِنَّهُ حَفِظَ وَ نَسِينَا ، وَ كَمْ مِمَّنْ حَدَّثَ وَ نَسِيَ ، وَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ ذِكْرِهَا
فِي الصَّلَاةِ أَصْلًا لَا عَنِ الْجَهْرِ بِهَا وَ إِخْفَائِهَا ، انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ ،
وَ قَالَ : وَ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْجَهْرِ عِنْدَهُمْ كَانَ مِيرَاثًا عَنْ
نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَتَوَارَثُهُ خَلَفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ ،
وَ هَذَا وَحْدَهُ كَافٍ فِي الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْجَهْرِيَّةَ دَائِمَةٌ صَبَاحًا وَ مَسَاءً ،
فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجْهَرُ بِهَا دَائِمًا لَمَا وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَ لَا اشْتِبَاهٌ ،
وَ لَكَانَ مَعْلُومًا بِالِاضْطِرَارِ ، وَ لَمَا قَالَ أَنَسٌ : لَمْ يَجْهَرْ بِهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَ لَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ ، وَ لَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ ذَلِكَ أَيْضًا ، وَ سَمَّاهُ حَدَثًا ،
وَ لَمَا اسْتَمَرَّ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ،
وَ مَقَامِهِ عَلَى تَرْكِ الْجَهْرِ ، يَتَوَارَثُهُ آخِرُهُمْ عَنْ أَوَّلِهِمْ ،
وَ ذَلِكَ جَارٍ عِنْدَهُمْ مَجْرَى الصَّاعِ وَ الْمُدِّ بَلْ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ ،
لِاشْتِرَاكِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ ، وَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَكَرَّرُ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ ،
وَ كَمْ مِنْ إِنْسَانٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى صَاعٍ وَ لَا مُدٍّ ، وَ مَنْ يَحْتَاجُهُ يَمْكُثُ مُدَّةً لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ ،
وَ لَا يَظُنُّ عَاقِلٌ أَنَّ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ وَ التَّابِعِينَ وَ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانُوا
يُوَاظِبُونَ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَفْعَلُهُ ، انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيُّ .
أنْتَهَى