عَنْمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيِّ
أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ
( يُصَلِّي فَكَانَ إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ
لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا)
***********************
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَ بِهِ يَقُولُإِسْحَقُوَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَ مَالِكٌ يُكْنَى أَبَا سُلَيْمَانَ
***********************
الشـــــــــــــــــروح
( بَابُ كَيْفَ النُّهُوضُ مِنَ السُّجُودِ )
قَوْلُهُ : ( إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ )
أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَ الثَّالِثَةِ ( لَمْ يَنْهَضْ ) أَيْ لَمْ يَقُمْ ( حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا )
وَ هَذِهِ الْجِلْسَةُ تُسَمَّى بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ : قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ :
وَ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ، وَ أَخَذَ بِهَاالشَّافِعِيُّوَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ،
وَ عَنْأَحْمَدَرِوَايَتَانِ ، وَ ذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّأَحْمَدَرَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا ،
وَ لَمْ يَسْتَحِبَّهُمَا الْأَكْثَرُ ، انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِبِحَدِيثِ الْبَابِ ، وَ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ،
وَ بِأَحَادِيثَ أُخْرَى ، فَمِنْهَا حَدِيثُأَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ،
أَنَّهُ قَالَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ .
أَنَا أَعْلَمُكُمْبِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، قَالُوا فَاعْرِضْ ،
قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ الْحَدِيثَ ،
وَ فِيهِ : ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَ يَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ ،
ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَ يُثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا ،
ثُمَّ يَعْتَدِلُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا ، ثُمَّ يَسْجُدُ ،
ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَ يَرْفَعُ وَ يُثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا ،
ثُمَّ يَعْتَدِلُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ، ثُمَّ يَنْهَضُ ،
ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَإِلَخْ ، رَوَاهُأَبُو دَاوُدَوَ الدَّارِمِيُّ،
وَ رَوَى التِّرْمِذِيُّوَابْنُ مَاجَهْمَعْنَاهُ ، وَ قَالَالتِّرْمِذِيُّهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ،
كَذَا فِي مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ . وَ لَفْظُالتِّرْمِذِيِّهَكَذَا : ثُمَّ هَوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا ،
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ، ثُمَّ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ وَ فَتَحَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ ،
ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَ قَعَدَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ اعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ ،
ثُمَّ نَهَضَ ، ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَإِلَخْ .
وَ مِنْهَا حَدِيثُابْنِ عَبَّاسٍفِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ رَوَاهُأَبُو دَاوُدَوَ آخَرُونَ
وَ فِيهِ : ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا فَتَقُولُهَا وَ أَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا ،
ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ،
ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَ سَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ .
تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍالْحَدِيثَ . قَالَ الْفَاضِلُ اللَّكْنَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ
بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ فِي إِثْبَاتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَا لَفْظُهُ : اعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا الْحَنَفِيَّةِ
وَ كَثِيرًا مِنَ الْمَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ قَدْ ذَكَرُوا فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي
حَكَاهَاالتِّرْمِذِيُّوَ الْحَاكِمُعَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِالْخَالِيَةَ عَنْ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ،
وَ الشَّافِعِيَّةُ وَ الْمُحَدِّثُونَ أَكْثَرُهُمُ اخْتَارُوا الْكَيْفِيَّةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ،
وَ قَدْ عُلِمَ مِمَّا أَسْلَفْنَا أَنَّ الْأَصَحَّ ثُبُوتًا هُوَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ ،
فَلْيَأْخُذْ بِهَا مَنْ يُصَلِّيهَا حَنَفِيًّا كَانَ أَوْ شَافِعِيًّا ، انْتَهَى .
قُلْتُ : الْأَمْرُ كَمَا قَالَ .
تَنْبِيهٌ : قَدِ اعْتَذَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَقُلْ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ عَنِ العَمَلِ
بِحَدِيثِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِالْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ بِأَعْذَارٍ كُلِّهَا بَارِدَةٍ ،
فَمِنْهَا مَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ : إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الْكِبَرِ
وَرَدَّهُ صَاحِبُ بَحْرِ الرَّائِقِ حَيْثُ قَالَ : يُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ،
وَ قَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ : صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، انْتَهَى .
وَ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍفِي الدِّرَايَةِ : هَذَا تَأْوِيلٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ،
فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَلِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُ :
صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ،
وَ لَمْ يُفَصِّلْ لَهُ فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ ، انْتَهَى .
وَ مِنْهَا مَا قَالَالطَّحَاوِيُّ : مِنْ أَنَّ حَدِيثَأَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّخَالٍ عَنْهَا أَيْ عَنْ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ،
فَإِنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ : قَامَ وَ لَمْ يَتَوَرَّكْ ، قَالَ :
فَلَمَّا تَخَالَفَا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيثِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِلِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ
فَقَعَدَ لِأَجْلِهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ ، انْتَهَى .
وَ فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلَّةِ ، وَ أَنَّمَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِهُوَ رَاوِي حَدِيثِ :
صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَحِكَايَاتُهُ لِصِفَاتِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْأَمْرِ ، وَ لَمْ تَتَّفِقِ الرِّوَايَاتُ عَنْأَبِي حُمَيْدٍعَلَى نَفْيِ هَذِهِ الْجِلْسَةِ ،
بَلْ أَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِإِثْبَاتِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي .
قُلْتُ : وَ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُالتِّرْمِذِيُّبِإِثْبَاتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ .
وَ مِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَشُرِعَ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ .
وَ فِيهِ أَنَّهَا جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ جِدًّا اسْتُغْنِيَ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ الْمَشْرُوعِ لِلْقِيَامِ ،
فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النُّهُوضِ إِلَى الْقِيَامِ .
وَ مِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
وَ فِيهِ أَنَّ السُّنَنَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ وَصَفَ
صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ إِنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعُهَا مِنْ مَجْمُوعِهِمْ .
وَ الْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِحُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِمَنْ قَالَ
بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَ هُوَ الْحَقُّ ، وَ الْأَعْذَارُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَ غَيْرُهُمْ
لَا يَلِيقُ أَنْ يُلْتَفَتَ إِلَيْهَا .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّامُسْلِمًاوَ ابْنَ مَاجَهْ .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ )
وَ بِهِ قَالَالشَّافِعِيُّوَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا رَجَعَ أَحْمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ .
تَنْبِيهٌ :
اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنِ القَوْلِ بِتَرْكِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا .
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي : وَ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ هَلْ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ ،
فَرُوِيَ عَنْهُ لَا يَجْلِسُ وَ هُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ ، وَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَجْلِسُ
وَ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ ، قَالَ الْخَلَّالُ : رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِلَى هَذَا يَعْنِي تَرَكَ قَوْلَهُ
بِتَرْكِ الْجُلُوسِ لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
كَانَ يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ،
وَ ذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
وَ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ وَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ، انْتَهَى .
وَ كَذَلِكَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَلَى مَتْنِ الْمُقْنِعِ لِشَمْسِ الدِّينِ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيِّ
وَ فِيهِ : وَ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَجْلِسُ ، اخْتَارَهَاالْخَلَّالُ ، قَالَ الْخَلَّالُ :
رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِهِ بِتَرْكِ الْجُلُوسِ .
وَ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ : قَالَ الْخَلَّالُ :
رَجَعَ أَحْمَدُإِلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ، انْتَهَى .
وَ كَذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَ غَيْرِهِمْ . فَفِي رُجُوعِ الْإِمَامِ أَحْمَدَعَنِ القَوْلِ
بِتَرْكِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا لَا شَكَّ فِيهِ ، وَ قَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ
فِي تَعْلِيقَاتِهِ عَلَى التِّرْمِذِيِّ رُجُوعَهُ عَنِ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ ، وَ عَنِ ابْنِ الْقَيِّمِ ،
ثُمَّ قَالَ : وَ ظَنِّي أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَرْجِعْ ، انْتَهَى . قُلْتُ : مَبْنَى ظَنِّهِ هَذَا
وَ مَنْشَؤُهُ لَيْسَ إِلَّا التَّقْلِيدُ ، فَإِنَّهُ إِذَا تَمَكَّنَ فِي قَلْبٍ وَ رَسَخَ فِيهِ يَنْشَأُ مِنْهُ
كَذَلِكَ ظُنُونٌ فَاسِدَةٌ ( وَ بِهِ يَقُولُ أَصْحَابُنَا ) يَعْنِي أَصْحَابَ الْحَدِيثِ ،
وَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا قَالَ : أَصْحَابُنَا ،
يُرِيدُ بِهِمْ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ .