
04-09-2011, 11:04 AM
|
Moderator
|
|
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
|
|
خطبة الجمعة من المسجد الحرام 9/4/2011
الحمد لله، الحمد لله شرحَ صدور أهل الإيمان للحق والهدى، من يهدِ الله فهو المُهتَد،
ومن يُضلِل فلن تجِد له وليًّا مُرشِدًا، أحمده - سبحانه - على نعمٍ لا نُحصِي لها عددًا،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يزَل واحدًا أحدًا فردًا صمدًا،
وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه اجتباهُ ربُّه واصطفاه،
وجعل له الرحمنُ وُدًّا، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه أنوار الدُّجَى
ومصابيح الهُدى، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا سرمدًا أبدًا.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
إن من غير المنكور ما أفاء لله علينا في بلادنا من نعمة المال الفائض،
والخير الوفير، والعيش الرغيد مما تغيَّر معه أنماطُ العيش، وأساليبُ الحياة،
واتصالُ بلادنا بالعالم، وتأثُّرها وتأثيرها في مُتغيِّرات الحاضر والحضارة
بإيجابياتها وسلبياتها وإفرازاتها،
ولكن إدراك المملكة لمكانتها واعتزازها بدينها حفِظَ عليها أن تظل - ولله الحمد -
مُتمسِّكةً بمبادئها، مُلتزمةً بمنهجها، مُحافظةً على الأُسس التي قامت عليها،
يستوي في ذلك حُكَّامُها وشعبُها،
وعلى ذلك مُؤسَّسات الدولة، وسياسات الحكم، ومناهجُ التعليم، والتراتيبُ الإدارية والاجتماعية.
ومع كل هذا الخير الذي نعيشُه والفضل الذي نرفُلُ فيه، والرضا الذي ننعَمُ به؛
فنعلمُ علمَ اليقين أن الكمال عزيز، وأن النقصَ والقصور والتقصير والخطأ
من شأن البشر ومن شأن العاملين،
ومن المعلوم علم اليقين أن الطريق طويلٌ وشاقّ؛
لأن مسار الأمم وتعاقُب الأجيال يتطلَّبُ العقلَ والحكمة والأناة والسير بخُطًى ثابتة
مُتأنِّية غير مُتوقِّفة،
يتطلَّبُ الحكمة والوعيَ المُميَّز بين الثابت والمُتغيِّر في قوةٍ راشدة، وعدلٍ باسط،
وعسكرٍ ضابط، وقضاءٍ عادل، وسياسات حكيمة، ومالٍ رشيد، وتنميةٍ مُخطَّطة،
ورحمةٍ تُحيطُ بذلك كله وإحسان.
من الحكمة والنظر البصير:
إدراكُ أن ما يحدُث في بلدٍ أو منطقة ليس باللازم أن يكون مُلائمًا لبلدٍ آخر أو منطقةٍ أخرى؛
فالبُلدان تختلفُ في طبائعها ومُكوِّناتها وظروفها وأحوالها لهذا.
وبعد:
فإن مصائر الشعوب - حفظكم الله - لا تجوز أن تكون رهينةً مغامرات أو تقليد تجارب
لا تُعرف نتائجُها ولا تُحسَبُ عواقبها،
فالمجازفةُ بالأمة في خروجٍ أو دعواتٍ أو هتافاتٍ تحت رايات إعلامٍ مجهولة
إن لم يكن إلقاءً في التهلكة فليس سبيل الإصلاح.
ألا فاتقوا الله - رحمكم الله -، واشكروا نعمة الله وفضله؛
ألَّفَ بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا.
ثم صلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة:
نبيكم محمدٍ رسول الله، فقد أمركم بذلك ربُّكم في محكم تنزيله،
فقال - عزَّ شأنُه، وهو الصادق في قيله - قولاً كريمًا:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد الحبيب المُصطفى،
والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين،
وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ،
وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين،
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين،
واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملَّة والدين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا،
واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك،
واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين،
واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين،
اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانهم وأعوانهم لما تحب وترضى، وخُذ بنواصيهم للبر والتقوى.
اللهم وفِّق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وبسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -،
واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين.
اللهم وأبرِم لأمة الإسلام أمرَ رشدٍ يُعَزُّ فيه أهل الطاعة، ويُهدَى فيه أهل المعصية،
ويُؤمَر فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.
اللهم أصلِح لنا ديننا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا،
وأصلِح لنا آخرتنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خير،
والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ، وأحسِن عاقبتنا في الأمور كلها،
وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم من أرادنا وأراد ديننا وديارَنا وأمنَنا وأمتنا وولاة أمرنا
وعلماءنا واجتماع كلمتنا بسوءٍ؛
اللهم فأشغِله بنفسه، واجعل كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه تدميرًا عليه يا رب العالمين.
اللهم عليك باليهود الغاصبين المحتلين،
اللهم عليك باليهود الغاصبين المحتلين فإنهم لا يُعجزونك،
اللهم أنزِل بهم بأسك الذي لا يُردُّ عن القوم المجرمين،
اللهم إنا ندرأُ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[البقرة: 201].
عباد الله:
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
[النحل: 90].
فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم،
ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
|