خاتم الانبياء والمرسلين و على آله و صحبه أجمعين أما بعد :
فما ساد المسلمون العالم عبثا وما كانوا خير امة أخرجت للناسا جذافا ،
ولأن كان لنا تاريخ رائد نتغنى به ، وحاضر لا يخلو من اشراقات ،
ومستقبل لا يمكن ان نحرم فيه الخيرية بوعد رب العالمين لنا ،
فان كل هذا ما كان ليتحقق ولن يتحقق الا لتخلقنا بصفات
ميزتنا وتميزنا عن غيرنا من الامم...
في هذه السلسلة الكريمة "نحن المسلمون"
نستعرض لصفات ووافعال ووقائع تميزنا نحن المسلمين من خلال حلقات اسبوعية
نتشارك بها في بيتنا الكريم " بيت عطاء الخير " ،
سائلين المولى عز وجل السداد والتوفيق .. فما اصبنا فيه فمنه وحده جل وعلا ..
وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ..
والله من وراء القصد .
نبر الوالدين
أكد الله الوصية بالوالدين في كتابه، وجعل ذلك من أصول البر،
التي اتفقت عليها الأديان جميعًا، فوصف الله يحيى بقوله:
(وبرًا بوالديه، ولم يكن جبارًا شقيًا)
(مريم: 14)
وكذلك وصف عيسى على لسانه في المهد:
(وبرًا بوالدتي ولم يجعلني جبارًا شقيًا)
وكذلك جاء القرآن فجعل الأمر ببر الوالدين بعد عبادة الله وحده،
بعد التوحيد . .
(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا)
(النساء: 36)
(أن اشكر لي ولوالديك)
(لقمان: 14)
(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا)
(الإسراء: 23)
وبخاصة الأم، فهي التي حملت الإنسان كرها ووضعته كرهًا،
وتعبت في حمله وتعبت في وضعه، وتعبت في إرضاعه،
ولذلك وصى النبي بها ثلاث مرات، وبالأب مرة واحدة
والقرآن جعل للوالدين المشركين حقًا،
قالت أسماء بنت أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم:
إن أمي زارتني وهي مشركة، أفأصلها ؟
فنزل قول الله تعالى:
(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم
أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين )
(الممتحنة: 8)
وقال تعالى في سورة لقمان في الوالدين اللذين يجاهدان
ويحاولان كل المحاولة لتكفير ولدهما وجعله مشركا بدل كونه مؤمنًا
. . يقول الله عز وجل:
(وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم
فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا)
(لقمان: 15)
حتى مع محاولة التكفير والصد عن طريق الله، وعن الإيمان،
مع هذا يقول " لا تطعهما " ولكن " صاحبهما في الدنيا معروفًا ".
فهذا ما جاء به الإسلام، أن يكون الإنسان بارًا بأبويه، وإن جارا عليه،
وإن ظلماه . . وإن جفواه . .
وهذا هو شأن مكارم الأخلاق: أن تصل من قطعك، وتبذل لمن منعك،
وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتحسن إلى من أساء إليك .
هذا في الناس عامة،
فكيف في ذوي الأرحام ؟
فكيف بالوالدين؟
ويقول فضيلة الشيخ المنجد في فضل بر الوالدين
أولاً : أنها طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ،
قال الله تعالى : ( ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً ) ،
وقال تعالى :
( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً
إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما
وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة
وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً )
وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم
أي العمل افضل قال إيمان بالله ورسوله ثم برالوالدين .. الحديث .
وغيرها من الآيات والأحاديث المتواترة في ذلك .