( وَ عَنِ البَيْعِ وَالشَّرَاءِ فِيهِ ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَ الْمَدِّ .
قَالَالشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ : ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ .
قَالَالْعِرَاقِيُّ : وَ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا عُقِدَ مِنَ الْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ .
وَ هَكَذَا قَالَالْمَاوَرْدِيُّ، وَ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ حَمْلَ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ يَحْتَاجُ إِلَى قَرِينَةٍ
صَارِفَةٍ عَنِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ
بِأَنَّ النَّهْيَ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ وَ هُوَ الْحَقُّ ، وَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النَّقْضِ ،
وَ صِحَّةِ الْعَقْدِ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ التَّحْرِيمِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ قَرِينَةً لِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ ،
وَ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِالشَّافِعِيِّإِلَى أَنَّهُ
لَا يُكْرَهُ الْبَيْعُ وَ الشَّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ وَ الْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِ ، انْتَهَى
( وَ أَنْ يَتَحَلَّقَ النَّاسُ فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ) أَيْ أَنْ يَجْلِسُوا مُتَحَلِّقِينَ
حَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ لِمُذَاكَرَةِ عِلْمٍ ، وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَطَعَ الصُّفُوفَ
مَعَ كَوْنِهِمْ مَأْمُورِينَ بِالتَّبْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ التَّرَاصِّ فِي الصُّفُوفِ ، الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ،
وَ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ هَيْئَةَ اجْتِمَاعِ الْمُصَلِّينَ ،
وَ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ لِلْجُمُعَةِ خَطْبٌ عَظِيمٌ لَا يَسَعُ مَنْ حَضَرَهَا أَنْ يَهْتَمَّ بِمَا سِوَاهَا
حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا ، وَ التَّحَلُّقُ قَبْلَ الصَّلَاةِ يُوهِمُ غَفْلَتَهُمْ عَنِ الْأَمْرِ الَّذِي نُدِبُوا إِلَيْهِ ،
وَ لِأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ الِاشْتِغَالِ بِالْإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ . وَ التَّقْيِيدُ بِقَبْلَ الصَّلَاةَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ
بَعْدَهَا لِلْعِلْمِ وَ الذِّكْرِ وَ التَّقْيِيدُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ فِي غَيْرِهِ .
وَ الْحَدِيثُ رَوَاهُأَبُو دَاوُدَ وَ زَادَ : وَ أَنْ تَنْشُدَ فِيهِ ضَالَّةً .
قَوْلُهُ ( وَ فِي الْبَابِ عَنْبُرَيْدَةَوَ جَابِرٍوَ أَنَسٍ)
أَمَّا حَدِيثُجَابِرٍفَأَخْرَجَهُالنَّسَائِيُّ، وَ أَمَّا حَدِيثُأَنَسٍفَأَخْرَجَهُالطَّبَرَانِيُّ،
قَالَالْعِرَاقِيُّ : وَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِحَدِيثٌ حَسَنٌ )
وَ أَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَوَ النَّسَائِيُّوَ ابْنُ مَاجَهْ، وَ الْحَدِيثُ صَحَّحَهُابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ص 273 : وَ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِلَىعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
فَمَنْ يُصَحِّحُ نُسْخَتَهُ يُصَحِّحُهُ ،
قَالَ : وَ فِي الْمَعْنَى عِدَّةُ أَحَادِيثَ لَكِنْ فِي أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ ، انْتَهَى .
وَ قَالَ الْحَافِظُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْفَتْحِ ص 51 : تَرْجَمَةُعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍقَوِيَّةٌ
عَلَى الْمُخْتَارِ لَكِنْ حَيْثُ لَا تَعَارُضَ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ) : و عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ)
مَرْجِعٌ هُوَ شُعَيْبٌفَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِهُوَ وَالِدُشُعَيْبٍوَ جَدُّعَمْرٍو،
وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍوجَدُّشُعَيْبٍوَالِدُ جَدِّعَمْرٍو
(قَالَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ)هُوَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ
( رَأَيْتُأَحْمَدَوَإِسْحَاقَوَذَكَرَ غَيْرَهُمَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ)
فِي شَرْحِ أَلْفِيَّةِالْعِرَاقِيِّلِلْمُصَنِّفِ قَدِ اخْتُلِفَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا حُجَّةٌ مُطْلَقًا إِذَا صَحَّ السَّنَدُ إِلَيْهِ .
قَالَابْنُ الصَّلَاحِ : وَ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ حَمْلًا لِلْجَدِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ
عَلَى الصَّحَابِيِّعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍودُونَ ابْنِهِمُحَمَّدٍوَالِدِشُعَيْبٍلِمَا ظَهَرَ لَهُمْ
مِنْ إِطْلَاقِهِ ذَلِكَ ، فَقَدْ قَالَالْبُخَارِيُّ : رَأَيْتُأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ
وَ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِوَ أَبَا عُبَيْدٍوَ أَبَا خَيْثَمَةَ وَ عَامَّةَ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍعَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَا تَرَكَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَ ثَبَّتُوهُ فَمَنِ النَّاسُ بَعْدَهُمْ .
وَ قَوْلُابْنِ حِبَّانَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ لِأَنَّشُعَيْبًالَمْ يَلْقَعَبْدَ اللَّهِمَرْدُودًا ،
فَقَدْ صَحَّ سَمَاعُشُعَيْبٍمِنْ جَدِّهِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوكَمَا صَرَّحَ بِهِالْبُخَارِيُّفِي التَّارِيخِ ،
وَ أَحْمَدُوَ كَمَا رَوَاهُالدَّارَقُطْنِيُّ،وَ الْبَيْهَقِيُّفِي السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ،
وَ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّمُحَمَّدًامَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ ، وَ أَنَّ أَبَاهُ كَفَلَشُعَيْبًاوَ رَبَّاهُ ،
وَ قِيلَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ مُطْلَقًا ، انْتَهَى كَلَامُهُ بِتَلْخِيصٍ .
قَالَ ) مُحَمَّدٌ ) يَعْنِي الْبُخَارِيَّ )وَ قَدْ سَمِعَشُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍمِنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (
وَ كَذَلِكَ قَدْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ .