قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَالْحَكَمِ الْغِفَارِي ِّوَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ)
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
)لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَ ادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ (
وَ أَمَّا حَدِيثُ الْحَكَمِ الْغِفَارِيِّ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ .
وَ أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
) تَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ )
وَ يَقِي ذَلِكَ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ - ص 260 - الرَّحْلِ .
وَ أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍفَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ : يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ وَ الْحِمَارُ وَ الْمَرْأَةُ .
قَالَ الْعِرَاقِيُّ : رِجَالُهُ ثِقَاتٌ . وَ فِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَ الْكَلْبُ وَ الْحِمَارُ . (
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ جَمِيلِ بْنِ الْحَسَنِ وَ فِيهِ ضَعْفٌ
وَ بَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ . وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ :
يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ . وَ لَمْ يَقُلْ أَبُو دَاوُدَ : الْأَسْوَدُ،
وَ قَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ . وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ آخَرُ مَرْفُوعٌ
عِنْدَ أَبِي دَاوُدَوَ زَادَ فِيهِ الْخِنْزِيرَ وَ الْيَهُودِيَّ وَ الْمَجُوسِيَّ .
وَ قَدْ صَرَّحَ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ ذِكْرَ الْخِنْزِيرِ وَ الْمَجُوسِيِّ فِيهِ نَكَارَةٌ ، قَالَ :
وَ لَمْ أَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَ أَحْسَبُهُ وَ هْمٌ ;
لِأَنَّهُ كَانَ حَدَّثَنَا مِنْ حِفْظِهِ ، انْتَهَى .
وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَوَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُقَالَ :
بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بِبَعْضِ أَعْلَى الْوَادِي
يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ قَدْ قَامَ وَ قُمْنَا إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا حِمَارٌ مِنْ شِعْبٍ .
فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُكَبِّرْ وَأَجْرَى إِلَيْهِ يَعْقُوبُ بْنُ زَمْعَةَ حَتَّى رَدَّهُ .
قَالَ الْعِرَاقِيُّ : وَ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ قَالَتْ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ إِلَّا الْحِمَارُ وَ الْكَافِرُ وَ الْكَلْبُ وَ الْمَرْأَةُ )
لَقَدْ قُرِنَا بِدَوَابِّ سَوْءٍ .
قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ وَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّاالْبُخَارِيَّ .
قَوْلُهُ : ( وَ قَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَيْهِ قَالُوا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْحِمَارُ
وَ الْمَرْأَةُ وَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ قَالَأَحْمَدُالَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ
يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَ فِي نَفْسِي مِنَ الْحِمَارِ وَ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ )
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : أَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلْبَ وَ الْمَرْأَةَ وَ الْحِمَارَ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ .
وَ الْمُرَادُ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ إِبْطَالُهَا وَ قَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ
مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَ أَنَسٌوَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ .
وَ حُكِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي ذَرٍّوَ ابْنِ عُمَرَ، وَ جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ بِهِ فِي الْكَلْبِ ،
وَ قَالَ بِهِ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ فِي الْحِمَارِ ،
وَ مِمَّنْ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ بِقَطْعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ
وَ أَبُو الْأَحْوَصِ صَاحِبُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
فِي مَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ وَ حَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ يُخَصِّصُهُ
بِالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَ يَتَوَقَّفُ فِي الْحِمَارِ وَ الْمَرْأَةِ .
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : وَ هُوَ أَجْوَدُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَثْرَ مِمِنْ جَزْمِ الْقَوْلِ
عَنْ أَحْمَدَ بِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْمَرْأَةُ وَ الْحِمَارُ . وَ ذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِأَيْضًا إِلَى قَطْعِ الصَّلَاةِ
بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ إِذَا كَانَ الْكَلْبُ وَ الْحِمَارُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، سَوَاءٌ كَانَ الْكَلْبُ وَ الْحِمَارُ
مَارًّا أَمْ غَيْرَ مَارٍّ وَ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا ، حَيًّا أَمْ مَيِّتًا وَ كَوْنُ الْمَرْأَةِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ
مَارَّةً أَمْ غَيْرَ مَارَّةٍ ، صَغِيرَةً أَمْ كَبِيرَةً ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُضْطَجِعَةً مُعْتَرِضَةً ،
وَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ ابْنُ عَبَّاسٍ
وَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَ اسْتَدَلَّا بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ عِنْد َأَبِي دَاوُدَوَ ابْنِ مَاجَهْ،
يَعْنِي الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي مَا تَقَدَّمَ ، وَ لَا عُذْرَ لِمَنْ يَقُولُ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ مِنْ ذَلِكَ ،
وَ هُمُ الْجُمْهُورُ وَ أَمَّا مَنْ يَعْمَلُ بِالْمُطْلَقِ وَ هُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَ أَهْلُ الظَّاهِرِ
فَلَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ ، وَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : إِنَّهُ لَا حُجَّةَ لِمَنْ قَيَّدَ بِالْحَائِضِ
لِأَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ قَالَ : وَ لَيْسَتْ حَيْضَةُ الْمَرْأَةِ فِي يَدِهَا وَ لَا بَطْنِهَا وَ لَا رِجْلِهَا ،
قَالَ الْعِرَاقِيُّ : إِنْ أَرَادَ بِضَعْفِهِ ضَعْفَ رُوَاتِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ جَمِيعَهُمْ ثِقَاتٌ .
وَ إِنْ أَرَادَ بِهِ كَوْنَ الْأَكْثَرِينَ وَ قَفُوهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ رَفَعَهُ شُعْبَةُ،
وَ رَفْعُ الثِّقَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى وَقْفِ مَنْ وَقَفَهُ .
وَ إِنْ كَانُوا أَكْثَرَ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ فِي الْأُصُولِ وَ عُلُومِ الْحَدِيثِ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( وَ قَالَ إِسْحَاقُ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ )
وَ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَائِشَةَ ، وَ دَلِيلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ
فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ أَخْرَجَ الْحِمَارَ وَ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَ الْمَرْأَةَ بِلَفْظِ :
إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( كَانَ يُصَلِّي فِي حُجْرَتِهَا فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عُمَرُ ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا ،
فَرَجَعَ فَمَرَّتِ ابْنَةُ أُمِّ سَلَمَةَ ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَمَضَتْ )،
فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ :
( هُنَّ أُغْلَبُ ) .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَ فِي إِسْنَادِهِ مَجْهُولٌ ، وَ هُوَ قَيْسٌ الْمَدَنِيُّ وَ بَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ .
وَ كَذَلِكَ أَخْرَجَ الْمَرْأَةَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ ،
وَ ذَكَرْنَا لَفْظَهُ ، وَ التَّقْيِيدُ بِالْأَسْوَدِ أَخْرَجَ مَا عَدَاهُ مِنَ الْكِلَابِ .
قُلْتُ : فِي الِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ عَلَى إِخْرَاجِ الْحِمَارِ
وَ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَ عَائِشَةَ عَلَى إِخْرَاجِ الْمَرْأَةِ كَلَامٌ فَتَفَكَّرْ .
وَ قَدْ ذَكَرَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ