قَوْلُهُ : ( يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ )
بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَ فَتْحِ الْجِيمِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْ يُحِبُّ أَنْ يُؤْمَرَ
بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ إِبْرَاهِيمَ .
قَوْلُهُ) : قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ (
أَيْ تَرَدُّدَ وَجْهِكَ فِي جِهَةِ السَّمَاءِ مُتَطَلِّعًا لِلْوَحْيِ .
قَوْلُهُ : ( فَصَلَّى رَجُلٌ مَعَهُ الْعَصْرَ )
هُوَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍوَ قِيلَ عَبَّادُ بْنُ نَهِيكٍ .
قَوْلُهُ : ( وَ هُمْ رُكُوعٌ )
جَمْعُ رَاكِعٍ ( فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَبَيْتِ الْمَقْدِسِ)
وَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ،
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَقَعَ فِي تَفْسِيرِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ تَوِيلَةَ بِنْتِ أَسْلَمَ
صَلَّيْتُ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فِي مَسْجِدِبَنِي حَارِثَةَفَاسْتَقْبَلْنَا مَسْجِدَإِيلِيَاءَ
فَصَلَّيْنَا سَجْدَتَيْنِ أَيْ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ جَاءَنَا مَنْ يُخْبِرُنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
قَدِ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ(فَقَالَ ) أَيِ الرَّجُلُ ( هُوَ يُشْهِدُ ) يَعْنِي بِذَلِكَ نَفْسَهُ
وَ هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّجْرِيدِ ، وَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَشْهَدُ بِاللَّهِ ( فَانْحَرَفُوا وَ هُمْ رُكُوعٌ )
بِأَنْ تَحَوَّلَ الْإِمَامُ مِنْ مُقَدِّمِ الْمَسْجِدِ إِلَى مُؤَخِّرِهِ ، ثُمَّ تَحَوَّلَتِ الرِّجَالُ حَتَّى صَارُوا خَلْفَهُ
وَ تَحَوَّلَتِ النِّسَاءُ حَتَّى صِرْنَ خَلْفَ الرِّجَالِ ، وَ قَدْ وَقَعَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الِانْحِرَافِ
وَ التَّحَوُّلِ فِي خَبَرِتَوِيلَةَ، قَالَتْ : فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ وَ الرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاءِ ،
قَالَ الْحَافِظُ : وَ تَصْوِيرُهُ أَنَّ الْإِمَامَ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فِي مُقَدِّمِ الْمَسْجِدِ إِلَى مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ ؛
لِأَنَّ مَنِ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ اسْتَدْبَرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَ هُوَ لَوْ دَارَ فِي مَكَانِهِ
لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ مَكَانٌ يَسَعُ الصُّفُوفَ وَ لَمَّا تَحَوَّلَ الْإِمَامُ تَحَوَّلَتِ الرِّجَالُ حَتَّى صَارُوا خَلْفَهُ ،
وَ تَحَوَّلَتِ النِّسَاءُ حَتَّى صِرْنَ خَلْفَ الرِّجَالِ ، وَ هَذَا يَسْتَدْعِي عَمَلًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ ،
فَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ، كَمَا كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ ،
وَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اغْتُفِرَ الْعَمَلُ الْمَذْكُورُ مِنْ أَجْلِ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ ،
أَوْ وَقَعَتِ الْخُطُوَاتُ غَيْرَ مُتَوَالِيَةٍ عِنْدَ التَّحَوُّلِ بَلْ مُفَرَّقَةً ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( وَ فِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَوَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عُمَارَةَ بْنِ أَوْسٍ
وَ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ وَ أَنَسٍ)
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ، وَ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَ أَحْمَدُ،
وَ أَمَّا حَدِيثُ عُمَارَةَ بْنِ أَوْسٍفَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،
وَ أَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ وَ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ الْبَرَاءِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّاأَبَا دَاوُدَ .
قَوْلُهُ : ( عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانُوا رُكُوعًا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ )
أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ ،
فَقَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ
وَ قَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَ كَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ .
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ : وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ
فِي الصُّبْحِ وَ الْعَصْرِ أَنَّ الْأَمْرَ بَلَغَ إِلَى قَوْمٍ فِي الْعَصْرِ ،
وَ بَلَغَ إِلَى أَهْلِ قُبَاءٍ فِي الصُّبْحِ ، انْتَهَى .
وَ قَالَ الْحَافِظُ : هَذَا لَا يُخَالِفُ حَدِيثَ الْبَرَاءِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي صَلَاةِ العصرِ
لِأَنَّ الْخَبَرَ وَصَلَ وَقْتَ الْعَصْرِ إِلَى مَنْ هُوَ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ وَ هُمْ بَنُو حَارِثَةَ ،
وَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَ وَصَلَ الْخَبَرُ وَقْتَ الصُّبْحِ إِلَى مَنْ هُوَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ
وَ هُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ، انْتَهَى .
قُلْتُ هَاهُنَا اخْتِلَافٌ آخَرُ وَ هُوَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فَصَلَّى رَجُلٌ مَعَهُ الْعَصْرَ ،
وَ فِي حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ أَوْسٍ أَنَّ الَّتِي صَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
إِلَى الْكَعْبَةِ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ ، وَ هَكَذَا فِي حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ ،
وَ حَدِيثِ تَوِيلَةَ وَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّهَا الظُّهْرُ ،
وَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ مَنْ قَالَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ شَكَّ هَلْ هِيَ الظُّهْرُ أَوِ الْعَصْرُ :
وَ لَيْسَ مَنْ شَكَّ حُجَّةً عَلَى مَنْ جَزَمَ ، فَنَظَرْنَا فِي مَنْ جَزَمَ فَوَجَدْنَا بَعْضَهُمْ
قَالَ الظُّهْرُ وَ بَعْضَهُمْ قَالَ الْعَصْرُ ، وَ وَجَدْنَا رِوَايَةَ الْعَصْرِ أَصَحَّ لِثِقَةِ رِجَالِهَا
وَ إِخْرَاجِ الْبُخَارِيِّ لَهَا فِي صَحِيحِهِ .
وَ أَمَّا حَدِيثُ كَوْنِهَا الظُّهْرَ فَفِي إِسْنَادِهَا مَرْوَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
وَ أَمَّا رِوَايَةُ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ كَانُوا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَيُمْكِنُ
أَنَّهُ أَبْطَأَ الْخَبَرَ عَنْهُمْ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ كَذَا فِي النَّيْلِ