قَوْلُهُ : ) وَ كُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا(،
أَيْ نُلَطِّخُ وُجُوهَنَا ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ : طَلَى الْبَعِيرَ بِالْهِنَاءِ يَطْلِيهِ وَ بِهِ لَطَّخَهُ كَطَلَاهُ .
قَوْلُهُ : )بِالْوَرْسِ)
الْوَرْسُ بِوَزْنِ الْفَلْسِ نَبْتٌ أَصْفَرُ يَكُونُ بِالْيَمِنِ تُتَّخَذُ مِنْهُ الْغَمْرَةُ لِلْوَجْهِ ،
وَ وَرَسَ الثَّوْبَت َوْرِيسًا صَبَغَهُ بِالْوَرْسِ .
قَوْلُهُ : (مِنَ الْكَلَفِ)
بِفَتْحِ الْكَافِ وَ اللَّامِ لَوْنٌ بَيْنَ السَّوْدَاءِ وَ الْحُمْرَةِ وَ هِيَ حُمْرَةُ كُدْرَةٍ تَعْلُو الْوَجْهَ
وَ شَيْءٌ يَعْلُو الْوَجْهَ كَالسِّمْسِمِ ، كَذَا فِي الصِّحَاحِ لِلْجَوْهَرِيِّ،
وَ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ لَا يَأْمُرُهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بِقَضَاءِ صَلَاةِ النِّفَاسِ .
قَوْلُهُ . ( هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَهْلٍ . . . إِلَخْ )
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَ أَبُو دَاوُدَ وَ التِّرْمِذِيُّ وَ ابْنُ مَاجَهْ
وَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَ الْحَاكِمُ وَ أَبُو سَهْلٍ ،وَ ثَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَ ابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ .
وَ أُمُّ بُسَّةَ مُسَّةُ مَجْهُولَةُ الْحَالِ . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : لَا يَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ ،
وَ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ : لَا يُعْرَفُ حَالُهَا ،
وَ أَغْرَبَ ابْنُ حِبَّانَ فَضَعَّفَهُ بِكَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ وَ لَمْ يُصِبْ .
وَ قَالَ النَّوَوِيُّ : قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ مُصَنِّفِي الْفُقَهَاءِ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِمْ ،
وَ لَهُ شَاهِدٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَلَّامٍ عَنْ حُمَيْدٍعَنْ أَنَسٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ قَّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ ،
قَالَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ حُمَيْدٍ غَيْرُسَلَّامٍ وَ هُوَ ضَعِيفٌ ،
وَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا وَ رَوَى الْحَاكِمُ
مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ:
وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ للنِّسَاءَ فِي نِفَاسِهِنَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ،
وَ قَالَ : صَحِيحٌ إِنْ سَلِمَ مِنْ أَبِي هِلَالٍ . قُلْتُ وَ قَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وَ الْحَسَنُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ مُنْ قَطِعٌ وَ الْمَشْهُورُ عَنْ عُثْمَانَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ .
انْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ .
وَ قَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ حَدِيثَ الْبَابِ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ وَ قَالَ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَ أُقِرَّ تَصْحِيحُهُ
وَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ، وَ قَدْ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ فِي تَرْجَمَةِ مُسَّةَ الْأَزْدِيَّةِ :
إِنَّهَا مَقْبُولَةٌ كَمَا عَرَفْتَ ، وَ قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ وَ أَجَابَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ
عَنِ الْقَوْلِ بِجَهَالَةِ مُسَّةَفَقَالَ : وَ لَا نُسَلِّمُ جَهَالَةَ عَيْنِهَا وَ جَهَالَةُ حَالِهَا مُرْتَفِعَةٌ
فَإِنَّهُ رَوَى عَنْهَا جَمَاعَةٌ ؛كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍوَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ،
وَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَزْرَمِيُّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مُسَّةَ أَيْضًا فَهَؤُلَاءِ رَوَوْا عَنْهَا
وَ قَدْ أَثْنَى عَلَى حَدِيثِهَا الْبُخَارِيُّ
وَ صَحَّحَ الْحَاكِمُ إِسْنَادَهُ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا ، انْتَهَى .
قُلْتُ : الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَسَنٌ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ ،
وَ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ تُؤَيِّدُهُ . فَمِنْهَا مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ ،
وَ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءَوَ أَبِي هُرَيْرَةَقَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
: تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ
فَإِنْ بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَ لَمْ تَرَ الطُّهْرَ فَلْتَغْتَسِلْ ،
ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَ فِيهِ الْعَلَاءُ بْنُ كَثِيرٍ وَ هُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا ،
وَ مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَ الدّارَقُطْنيُّ فِي سُنَنِهِ
وَ فِي إِسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ وَ ابْنُ عُلَاثَةَ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُ وكَانِ ضَعِيفَانِ .
وَ مِنْهَا حَدِيثُ أمنا عَائِشَةَ رضى الله عنها و عن أبيها
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَقَّتَ لِلنِّسَاءِ فِي نِفَاسِهِنَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ،
أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَ مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ :
وَقَّتَ لِلنِّسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ .
ذَكَرَالْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ
فِي نَصْبِ الرَّايَةِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَسَانِيدِهَا وَ مُتُونِهَا مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا .
قَوْلُهُ : ( وَ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَ بِهِ يَقُولُسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
وَ ابْنُ الْمُبَارَكِوَ الشَّافِعِيُّوَ أَحْمَدُوَ إِسْحَاقُ)
وَ هُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَ اسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ ، قَالَ الشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ :
وَ الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا مُتَعَاضِدَةٌ بَالِغَةٌ إِلَى حَدِّ الصَّلَاحِيَّةِ
وَ الِاعْتِبَارِ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهَا مُتَعَيِّنٌ فَالْوَاجِبُ عَلَى النُّفَسَاءِ وُقُوفُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا
إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : (وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّأَنَّهُ قَالَ إِنَّهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ خَمْسِينَ يَوْمًا إِذَا لَمْتَطْهُرْ)
وَ فِي نُسْخَةٍ قَلَمِيَّةٍ عَتِيقَةٍ إِذَا لَمْ تَرَالطُّهْرَ .
قَوْلُهُ :) وَ يُرْوَى عَنْعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍوَ الشَّعْبِيِّسِتِّينَ يَوْمًا)
وَ هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَ رُوِيَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَ مُوسَى ابْنَي ْجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ
سَبْعُونَ يَوْمًا قَالُوا إِذْ هُوَ أَكْثَرُ مَاوُجِدَ .
قُلْتُ : لَمْ أَجِدْ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ دَلِيلًا مِنَ السُّنَّةِ ، فَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ
هُوَ مَا قَالَ بِهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ ، وَ اَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .