من:الابن الدكتور / ماجد عدنان الياس
الصيام ومرض السكري
إذا تذكَّرنا أنَّ نسبةَ مرض السكري في العالم هي في ازدياد، عرفنا أنَّ
ملايين المسلمين من مرضى السكَّري يحتاجون إلى توجيهات خاصَّة،
تجعل من شهر رمضان عليهم - كما هو على كلِّ المسلمين - شهراً عزيزاً
على النفس حبيباً إلى القلب، تبتهج النفسُ بقدومه، وتأنس به،
وترتاح إليه وفيه.
هل يصوم مريض السكري أم لا؟
يصرُّ كثيرٌ من مرضى السكَّري - شفاهم الله - على أن يصوموا مع الناس
في رمضان، وهذا الحرصُ يُشكَر لهم ويُحمَد؛ لكن
هل كلُّ مرضى السكَّري
يستطيعون الصيام؟
الذي يتَّفق عليه كثيرٌ من الأطبَّاء المسلمين، نتيجة الخبرة العملية
والدراسات العلمية، أنَّ مرضى السكَّري بالنسبة للصيام أصناف:
- الصنف الأوَّل:
مرضى السكَّري من النوع الثاني (غير المعتمد على الأنسولين)
وقد أُجريت لأجلهم عدَّةُ دراسات علمية أكَّدت كثيرٌ منها أنَّ مرضى
السكَّري من النوع الثاني يمكنهم الصيام في رمضان بأمان ودون
مضاعفات ولله الحمد. بل أشارت بعضُ هذه الدراسات إلى أنَّ معدَّلَ سكَّر
الدم قد تحسَّن لدى بعض المرضى، وهذا ما لم تثبته دراسات أخرى؛
فقد أُجريت دراسةٌ (خَطيبـي 2001) على 33 صائماً من النوع الثاني
من مرض السكَّري، وقارنت نسبةَ السكَّر قبل رمضان وفي أثنائه وبعدَه،
فلم يلاحَظ أيُّ فرق, بل وُجِد أنَّ الصائمين تَحسَّن مستوى السكَّر لديهم.
- الصنف الثاني:
مرضى السكَّري من النوع الأوَّل (المعتمد على الأنسولين)
وهذا النوعُ أقل شيوعاً من النوع الثاني، لكنَّه يحتاج إلى عناية أكبر.
وقد أُجريت لأجله عدَّةُ دراسات علميَّة، وأزال بعضُها جزءاً من المخاوف
التي كانت تساور الأطبَّاء، إذ تأكَّد أنَّ بعضَ المرضى (وليس كلهم) يمكنهم
الصيام في رمضان،
لكن مع الاحتياط والانتباه وأخذ الملاحظات
التالية بعين الاعتبار:
لابدَّ من أن تكونَ الحالةُ الصحِّية للمريض مستقرَّةً قبل رمضان، وألاَّ يكون
السكَّري من النوع المتذبذب، الذي تُصاحبه حالاتُ انخفاض
أو حموضة كيتونية متكرِّرة.
يَشترط بعضُ الأطبَّاء، من خلال خبرتهم، ألاَّ تكونَ الجرعةُ التي يستخدمها
المريضُ من الأنسولين عالية (أكثر من 40 وحدة/الجرعة)، وهو رأيٌ
وجيه، ولكنَّه ينطبق على كثير من مرضى السكَّري، ولذا فلابدَّ من التأكُّد
منه ببحوث علمية موثَّقة.
أشارت ثلاثُ دراسات إلى أنَّ النوعَ السريع من الأنسولين المسمَّى
اللسبرو، يمكن أن يكونَ أنسبَ من الأنسولين العادي للصائمين. وهذا أمرٌ
يقول به كثيرٌ من الأطبَّاء، وعلى كلِّ حال فلكلِّ مريض حالتُه الخاصَّة
التي يحدِّدها الطبيب.
غذاء مريض السكري في رمضان
يجب على مريض السكري عدم إهمال غذائه في رمضان، وأن يتناول
ثلاث وجبات: واحدة عندَ الفطور، وأخرى عندَ السحور، ولابدَّ من وجبة
ثالثة بينهما.
الإكثار من شرب الماء والسوائل غير المحلاَّة، وعدم شربها
كلَّها دفعةً واحدة، بل تفريقها على الليل.
يُفضَّل تأخيرُ وجبة السحور إلى السَّحَر قبلَ الصلاة.
لا بأس أن يستمتعَ مريضُ السكَّري بحلويات رمضان ومقليَّاته،
لكن بالقدر المعقول الذي يتناسب مع حالته الصحِّية، وكمِّية السُّعرات
الحرارية المحدَّدة له في اليوم، وسيكون اختصاصيُّ التغذية خيرَ
من يفيدك في الاختيار.
ولا مانعَ أيضاً أن يفرحَ الصائم بوجبات يوم العيد، لكن عليه ألاَّ ينسى
نفسَه، فيرتفع لديه السكَّر ارتفاعاً مفاجئاً يقلب عليه يومَ العيد
في الطوارئ.