من:إدارة بيت عطاء الخير
حديث اليوم
( باب: شِرْبِ الْأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ )
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ
قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه أَنَّهُ حَدَّثَهُ
( أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجٍ مِنْ الْحَرَّةِ يَسْقِي بِهَا النَّخْلَ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْقِ يَا زُبَيْرُ فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ
ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ يَرْجِعَ الْمَاءُ
إِلَى الْجَدْرِ وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ
{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ }
قَالَ لِي ابْنُ شِهَابٍ فَقَدَّرَتْ الْأَنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )
الشروح:
قوله: (حدثنا محمد)
زاد في رواية أبي الوقت " هو ابن سلام".
قوله: (فأمره بالمعروف)
كذا ضبطناه في جميع الروايات على أنه فعل ماض من الأمر، وهي جملة
معترضة من كلام الراوي، وحكى الكرماني أنه بلفظ فعل الأمر من الإمرار
وقد تقدم ما فيه، وقد قال الخطابي: معناه أمره بالعادة المعروفة
التي جرت بينهم في مقدار الشرب ا هـ.
ويحتمل أن يكون المراد أمره بالقصد والأمر الوسط مراعاة للجوار،
ويدل عليه رواية شعيب المذكورة، ومثلها لمعمر في التفسير، وهو ظاهر
في أنه أمره أولا أن يسامح ببعض حقه على سبيل الصلح، وبهذا ترجم
البخاري في الصلح إذا أشار الإمام بالمصلحة، فلما لم يرض الأنصاري
بذلك استقصى الحكم وحكم به.
وحكى الخطابي أن فيه دليلا على جواز فسخ الحاكم حكمه، قال: لأنه كان
له في الأصل أن يحكم بأي الأمرين شاء فقدم الأسهل إيثارا لحسن الجوار،
فلما جهل الخصم موضع حقه رجع عن حكمه الأول وحكم بالثاني ليكون
ذلك أبلغ في زجره، وتعقب بأنه لم يثبت الحكم أولا كما تقدم بيانه، قال:
وقيل بل الحكم كان ما أمر به أولا، فلما لم يقبل الخصم ذلك عاقبه بما حكم
عليه به ثانيا على ما بدر منه وكان ذلك لما كانت العقوبة بالأموال ا هـ.
وقد وافق ابن الصباغ من الشافعية على هذا الأخير، وفيه نظر، وسياق
طرق الحديث يأبى ذلك كما ترى، لا سيما قوله: " واستوعى للزبير حقه
في تصريح الحكم " وهي رواية شعيب في الصلح ومعمر في التفسير،
فمجموع الطرق دال على أنه أمر الزبير أولا أن يترك بعض حقه،
وثانيا أن يستوفي جميع حقه.
قوله: (فقال لي ابن شهاب)
القائل هو ابن جريج راوي الحديث.
قوله: (فقدرت الأنصار والناس)
هو من عطف العام على الخاص.
قوله: (وكان ذلك إلى الكعبين)
يعني أنهم لما رأوا أن الجدر يختلف بالطول والقصر قاسوا ما وقعت فيه
القصة فوجدوه يبلغ الكعبين فجعلوا ذلك معيارا لاستحقاق الأول فالأول،
والمراد بالأول هنا من يكون مبدأ الماء من ناحيته.
وقال بعض المتأخرين من الشافعية: المراد به من لم يتقدمه أحد
في الغراس بطريق الإحياء، والذي يليه من أحيا بعده، وهلم جرا.
اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .