من الاخت/ الملكة نور
فوائد من الزهد الكبير للبيهقي
( الجزء الأول )
من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب لها أخرج الله نور اليقين ،
والزهد من قلبه .
إن البدن إذا سقم : لم ينجح فيه طعام ، ولا شراب ، ولا نوم ،
ولا راحة ، كذلك القلب إذا علق حب الدنيا لم تنجح فيه المواعظ .
نظرت في أصل كل إثم ، فلم أجد من كثرة امتحاني له إلا
حب المال ، فمن ألقى عنه حب المال فقد استراح .
إذا سكنت الدنيا في القلب ترحلت عنه الآخرة .
حزن الدنيا للدنيا يذهب بهم الآخرة ، وفرح الدنيا للدنيا يذهب
بحلاوة العبادة .
حزنك على الدنيا يخرج حزن الآخرة من قلبك ، وفرحك بالدنيا
يخرج حلاوة الآخرة من قلبك .
قلب ليس فيه حزن كبيت خرب ليس فيه شيء ،
يريد حزن الآخرة .
لو سلمتم من الخطايا فلم تعملوا فيما بينكم وبين الله خطيئة ،
ولم تتركوا لله طاعة إلا أجهدتم أنفسكم في أدائها إلا حبكم
الدنيا لوسعكم ذلك شرا ، إلا أن يتجاوز الله عز وجل ويعفو .
من أذاقته الدنيا حلاوتها بميله إليها جرعته الآخرة
مرارتها لمجانبته عنها .
ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغضه حبيبك ، ذم مولانا
الدنيا فمدحناها ، وأبغضها فأحببناها ، وزهد فيها فآثرناها ،
ورغبنا في طلبها ، ووعدكم خراب الدنيا فحصنتموها ، ونهاكم
عن طلبها فطلبتموها ، وأنذركم الكنوز فكنزتموها ، دعتكم إلى
هذه الغرارة دواعيها فأجبتم مسرعين مناديها ، خدعتكم بغرورها ،
ومنتكم فأقررتم خاضعين لأمانيها ، تتمرغون في زهراتها ،
وتتمتعون في لذاتها ، وتتقلبون في شهواتها ، وتلوثون بتبعاتها ،
تنبشون بمخالب الحرص عن خزائنها ، وتحفرون بمعاول
الطمع في معادنها ، وتبنون بالغفلة في أماكنها ، وتحصنون
بالجهل في مساكنها .
قد رضينا من أعمالنا بالمعاني ، ومن طلب التوبة بالتواني ،
ومن العيش الباقي بالعيش الفاني