حديث اليوم الأحد 09.08.1432
مرسل من عدنان الياس مع الشكر للأخ مالك المالكى
( ممَا جَاءَ فِي : الْوُضُوءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ )
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْجَحْدَرِيُّ
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضى الله عنهم أنه قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ :
( مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَ نِعْمَتْ
وَ مَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ (
قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَ أم المؤمنين أمنا السيدة / عَائِشَةَ / رضى الله عنها و عن أبيها
وَأَنَسٍ رضى الله عنهم أجمعين
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ سَمُرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَ قَدْ رَوَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ
وَ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مُرْسَلٌ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
وَ مَنْ بَعْدَهُمْ اخْتَارُوا الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ رَأَوْا أَنْ يُجْزِئَ الْوُضُوءُ مِنْ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بِالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
أَنَّهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ حَدِيثُ عُمَرَ حَيْثُ قَالَ لِعُثْمَانَ وَ الْوُضُوءُ أَيْضًا
وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَمَرَ بِالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
فَلَوْ عَلِمَا أَنَّ أَمْرَهُ عَلَى الْوُجُوبِ لَا عَلَى الِاخْتِيَارِ لَمْ يَتْرُكْ عُمَرُ عُثْمَانَ
حَتَّى يَرُدَّهُ وَ يَقُولَ لَهُ ارْجِعْ فَاغْتَسِلْ وَ لَمَا خَفِيَ عَلَى عُثْمَانَ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ
وَ لَكِنْ دَلَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَضْلٌ
مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ فِي ذَلِكَ .
الشـــــــــــــروح
) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ )
أَيْ فِي الِاكْتِفَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ .
قَوْلُهُ : ( عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ (
ذَكَرَ النَّسَائِيُّ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ إِلَّا حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ .
قَالَ الْعِرَاقِيُّ : وَ قَدْ صَحَّ سَمَاعُهُ مِنْهُ لِغَيْرِ حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ ،
وَ لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُهُ مِنْهُ; لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ بِالْعَنْعَنَةِ فِي سَائِرِ الطُّرُقِ
وَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِكَوْنِهِ يُدَلِّسُ . كَذَا فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي .
قَوْلُهُ : ( فَبِهَا وَ نِعْمَتْ )
قَالَ الْعِرَاقِيُّ : أَيْ فَبِطَهَارَةِ الْوُضُوءِ حَصَلَ الْوَاجِبُ ، وَ التَّاءُ فِي نِعْمَتْ لِلتَّأْنِيثِ ،
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : مَعْنَاهُ وَ نِعْمَتِ الْخَصْلَةُ هِيَ أَيِ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ .
وَ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : حَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ : فَبِهَا وَ نِعْمَتْ مَعْنَاهُ :
فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ وَ نِعْمَتْ بِالسُّنَّةِ .
قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ . وَ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا وَ قَالَ : إِنَّمَا ظَهَرَ تَاءُ التَّأْنِيثِ لِإِضْمَارِ السُّنَّةِ ،
وَ قَالَ غَيْرُهُ : وَ نِعْمَتِ الْخَصْلَةُ ، وَ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الشَّاذَكِيُّ : وَ نِعْمَتِ الرُّخْصَةُ ،
قَالَ; لِأَنَّ السُّنَّةَ الْغُسْلُ ، وَ قَالَ بَعْضُهُمْ : فَبِالْفَرِيضَةِ أَخَذَ ،
وَ نِعْمَتِ الْفَرِيضَةُ . انْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ
( وَ مَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ ) ، هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ،
بَلْ يَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ عَلَى الْوُضُوءِ ، وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ قَوْلَهُ : فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ ؛
يَقْتَضِي اشْتِرَاكَ الْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ فِي أَصْلِ الْفَضْلِ فَيَسْتَلْزِمُ إِجْزَاءَ الْوُضُوءِ
قَوْلُهُ : ( وَ فِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَ أَنَسٍ وَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَ )
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ مَرْفُوعًا : مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ
ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَ أَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ ، وَ أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ
فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَ الطَّحَاوِيُّ وَ غَيْرُهُمَا ، وَ أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ،
وَ قَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ ، وَ فِيهِ : لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ سَمُرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ )
قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : لِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ أَشْهَرُهَا وَ أَقْوَاهَا رِوَايَةُ الْحَسَنِ
عَنْ سَمُرَةَ ، أَخْرَجَهَا أَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ وَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَ ابْنُ حِبَّانَ ،
وَ لَهُ عِلَّتَانِ : إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ مِنْ عَنْعَنَةِ الْحَسَنِ ، وَ الْأُخْرَى أَنَّهُ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِيهِ .
وَ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ، وَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ ،
وَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ، وَ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ،
وَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ ، انْتَهَى .
وَ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ : قَالَ فِي الْإِمَامِ : مَنْ يَحْمِلُ رِوَايَةَ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ
عَلَى الِاتِّصَالِ يُصَحِّحُ هَذَا الْحَدِيثَ . قَالَ الْحَافِظُ : وَ هُوَ مَذْهَبُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ
كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَ التِّرْمِذِيُّ وَ الْحَاكِمُ وَ غَيْرُهُمْ ،
وَ قِيلَ : لَمْ يُجْمَعْ عَنْهُ إِلَّا حَدِيثُ الْعَقِيقَةِ وَ هُوَ قَوْلُ الْبَزَّارِ وَ غَيْرِهِ ،
وَ قِيلَ : لَمْ يُسْمَعْ عَنْهُ شَيْءٌ أَصْلًا وَ إِنَّمَا يُحَدِّثُ مِنْ كِتَابِهِ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ- وَ مَنْ بَعْدَهُمُ اخْتَارُوا الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلخ )
اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ ،
وَ قَالَ جَمَاعَةٌ : إِنَّهُ وَاجِبٌ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ ( غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ )
مَا لَفْظُهُ : وَ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ وَاجِبٌ عَلَى فَرْضِيَّةِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ ،
وَ قَدْ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ غَيْرِهِمَا ،
وَ هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ ، وَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ ،
وَ حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ وَ جَمْعٍ جَمٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ مَنْ بَعْدَهُمْ ،
ثُمَّ سَاقَ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمُ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ إِلَّا نَادِرًا ،
وَ إِنَّمَا اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَشْيَاءَ مُحْتَمَلَةٍ كَقَوْلِ سَعْدٍ :
مَا كُنْتُ أَظُنُّ مُسْلِمًا يَدَعُ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ . انْتَهَى .
( فَلَوْ عَلِمَا ) أَيْ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -
( أَنَّ أَمْرَهُ عَلَى الْوُجُوبِ لَا عَلَى الِاخْتِيَارِ ، لَمْ يَتْرُكْ عُمَرُ عُثْمَانَ حَتَّى يَرُدَّهُ
وَ يَقُولَ لَهُ : ارْجِعْ فَاغْتَسِلْ ، وَ لَمَا خَفِيَ عَلَى عُثْمَانَ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ إلخ ) .
هَذَا تَقْرِيرُ الِاسْتِدْلَالِ وَ زَادَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَافَقُوهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ .
وَ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قِصَّةَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
لَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ عُمَرَ الْخُطْبَةَ وَ اشْتِغَالِهِ بِمُعَاتَبَةِ عُثْمَانَ
وَ تَوْبِيخِ مِثْلِهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ ، فَلَوْ كَانَ تَرْكُ الْغُسْلِ مُبَاحًا لَمَا فَعَلَ عُمَرُ ذَلِكَ ،
وَ إِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ عُثْمَانُ لِلْغُسْلِ لِضِيقِ الْوَقْتِ ؛ إِذْ لَوْ فَعَلَ لَفَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ ،
وَ إِنَّمَا تَرَكَهُ عُثْمَانُ لِأَنَّهُ كَانَ ذَاهِلًا عَنِ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدِ اغْتَسَلَ
فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ حُمْرَانَ أَنَّ عُثْمَانَ
لَمْ يَكُنْ يَمْضِي عَلَيْهِ يَوْمٌ حَتَّى يُفِيضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ .
وَ تُعُقِّبَ هَذَا الْجَوَابُ بِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَاتَبَ عُثْمَانَ
وَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ تَرْكَ السُّنَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَ هِيَ التَّبْكِيرُ إِلَى الْجُمُعَةِ ،
فَيَكُونُ الْغُسْلُ كَذَلِكَ .
قُلْت : قَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ ،
وَ بَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ ، وَ الظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ،
وَ بِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ ،
وَ اَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .