حديث اليوم الأربعاء 12.08.1432
مرسل من عدنان الياس مع الشكر للأخ مالك المالكى
( ممَا جَاءَ فِي : وَقْتِ الْجُمُعَةِ )
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله تعالى عنه
( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ )
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ نَحْوَهُ
قَالَ وَ فِي الْبَاب عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَ جَابِرٍ وَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ هُوَ الَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ وَقْتَ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ كَوَقْتِ الظُّهْرِ
وَ هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَ أَحْمَدَ وَ إِسْحَقَ وَ رَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ إِذَا صُلِّيَتْ
قَبْلَ الزَّوَالِ أَنَّهَا تَجُوزُ أَيْضًا وَ قَالَ أَحْمَدُ وَ مَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ إِعَادَةً .
الشـــــــــــروح
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا سُرَيْجٌ (
بِالتَّصْغِيرِ ابْنُ نُعْمَانَ الْجَوْهَرِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ ، أَصْلُهُ مِنْ خُرَاسَانَ ،
ثِقَةٌ يَهِمُ قَلِيلًا مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ وَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ الْمَدَنِيِّ ، ثِقَةٌ .
قَوْلُهُ : ( حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ )
أَيْ إِلَى الْمَغْرِبِ وَ تَزُولُ مِنَ اسْتِوَائِهَا يَعْنِي بَعْدَ تَحَقُّقِ الزَّوَالِ ،
قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : فِيهِ إِشْعَارٌ بِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ -
عَلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( وَ فِي الْبَابِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ )
أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ خَلَا التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ : كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ -
الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَ لَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ
. وَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ-
إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ .
) وَ جَابِرٍ ( أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ : كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ -
ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا ، قَالَ حَسَنٌ- يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ - :
فَقُلْتُ لِجَعْفَرٍ : فِي أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ ؟ قَالَ : بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ
وَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامِّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ :
( كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ- الْجُمُعَةَ
ثُمَّ نَنْصَرِفُ فَنَبْتَدِرُ فِي الْآجَامِ فَمَا نَجِدُ مِنَ الظِّلِّ إِلَّا قَدْرَ مَوْضِعِ أَقْدَامِنَا )
قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ : الْآجَامُ : الْآطَامُ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ .
قَوْلُهُ : ( وَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ وَقْتَ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ )
وَ اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْبَابِ وَ مَا فِي مَعْنَاهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ مَالِكٌ وَ أَبُو حَنِيفَةَ وَ الشَّافِعِيُّ
وَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ :
لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ إِلَّا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، وَ لَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا إِلَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَ إِسْحَاقُ فَجَوَّزَاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ ، وَ رُوِي فِي هَذَا أَشْيَاءُ عَنِ الصَّحَابَةِ
لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ ، وَ حَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ
عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْجِيلِهَا ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( وَرَأَى بَعْضُهُمُ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ إِذَا صُلِّيَتْ قَبْلَ الزَّوَالِ أَنَّهَا تَجُوزُ أَيْضًا )
أَيْ كَمَا تَجُوزُ بَعْدَ الزَّوَالِ ، وَ اسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ :
كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ وَنَقِيلُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ . قَالَ الْحَافِظُ :
ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ بَاكِرَ النَّهَارِ ، لَكِنْ طَرِيقُ الْجَمْعِ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى التَّعَارُضِ ،
وَ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ التَّبْكِيرَ يُطْلَقُ عَلَى فِعْلِ الشَّيْءِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ أَوْ تَقْدِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ
وَ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا ، وَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَبْدَءُونَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْقَيْلُولَةِ بِخِلَافِ
مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الْحَرِّ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقِيلُونَ
ثُمَّ يُصَلُّونَ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْإِبْرَادِ ، انْتَهَى .
وَ مِنْهَا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- : مَا كُنَّا نَقِيلُ وَ لَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ .
رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ ، وَ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ الْغَدَاءَ وَ الْقَيْلُولَةَ مَحَلُّهُمَا قَبْلَ الزَّوَالِ ،
وَ حَكَوْا عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ : لَا يُسَمَّى غَدَاءً وَ لَا قَائِلَةً بَعْدَ الزَّوَالِ ،
وَ أَجَابَ عَنْهُ النَّوَوِيُّ وَ غَيْرُهُ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَ مَا في مَعْنَاهُ مَحْمُولٌ
عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْجِيلِهَا ، وَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤَجِّلُونَ الْغَدَاءَ وَ الْقَيْلُولَةَ
فِي هَذَا الْيَوْمِ إِلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ نُدِبُوا إِلَى التَّبْكِيرِ إِلَيْهَا ،
فَلَوِ اشْتَغَلُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَهَا خَافُوا فَوْتَهَا أَوْ فَوْتَ التَّبْكِيرِ إِلَيْهَا .
وَ مِنْهَا أَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ قَالَ : شَهِدْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ
وَ خُطْبَتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ ، وَ شَهِدْتُهَا مَعَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَتْ صَلَاتُهُ
وَ خُطْبَتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ : قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ . وَ أَجَابَ عَنْهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ
بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سِيدَانَ غَيْرُ مَعْرُوفِ الْعَدَالَةِ . قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : شِبْهُ الْمَجْهُولِ .
وَ قَالَ الْبُخَارِيُّ : لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ بَلْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ ،
فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ
حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ . إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ ، وَ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ : فَلَمَّا سَمَّاهُ عِيدًا جَازَتِ الصَّلَاةُ فِيهِ
فِي وَقْتِ الْعِيدِ كَالْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى ، وَ تُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
عِيدًا أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى جَمِيعِ أَحْكَامِ الْعِيدِ ، بِدَلِيلِ أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ يَحْرُمُ صَوْمُهُ
مُطْلَقًا سَوَاءٌ صَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِخِلَافِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ .
وَ الظَّاهِرُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ
إِلَّا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، وَ أَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهَا تَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ
فَلَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ ، وَ اَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .