أخلاقنا الإسلامية العظيمة
الصبر والرضا فى المرض
بسم الله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله 
أحمد الله و أستعينه و أستغفره و ما توفيقى إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب .
أمّــــــا بــعــد :
يقول الشاعر :
أغالب الألام مهما طغت                بحسبي الله و نعم الوكيل 
فحسبي الله قبيل الشروق             و حسبي الله بُعيد الأصيل 
و حسبي الله إذا أسبلت               دموعها عين الفقير العليل 
يا رب أنت المرتجي سيدي          أنر لخطوتي سواء السبيل
أنا الشريد اليوم يا سيدي               فأغفر أيا رب لعبد ذليل 
إن نعمة الصحة و العافية نعمة كبيرة لا يستشعرها إلا فاقدها
نعمة كبيرة و غالية لا ننتبه إليها إلا عند المرض .
فمن منا يحمد الله على أنه يستطيع أن يمضغ طعامه أو يشتم رائحته ؟؟
و من منا يحمد الله مثلاً على أنه يستطيع أن يمد يده ليتناول كوب الماء ؟؟
و من منا يحمد الله على قدرته على الإخراج " أعزكم الله "
إنها و الله لنعم و أى نعم .
و لنا فى سيدنا أيوب عليه السلام عبرة و آية 
و لا ننسى جميعاً أنه أصبح مضرب المثل فى الصبر على الإبتلاء و الرضا 
و ما أروع و أرق ذلك الدعاء الجميل الذى جاء 
فى الآية الكريمة من سورة الأنبياء :
{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ 
رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ }
إنها رسالة ربانية من رب العباد الرحمن الرحيم إلى كل من مسه الضر من مرض و خلافه 
أن يصبر و يحتسب و يتوجه إلى الله ليكشف ضره و يرفع بلاءه .
و كلما أشتد البلاء كلما رفع الله قدرك و كلما تأكدت أن الله يحبك و يختبرك و يمحصك 
و على قدر حبك لله عز و جل يكون صبرك و حمدك و ثباتك .
و هذا الحمد و الرضا و الثبات و تفويض الأمر لله مع الأخذ بأسباب الدعاء 
سوف ينعكس إيجاباً على حالتك النفسية و بالتالى ستتحسن حالتك .
و يكفى أن تتذكر أنك سواء صبرت أم لم تصبر على المرض و الإبتلاء 
فإن قضاء الله و قدره حادث لا محالة فلماذا لا تصبر و تحتسب و تكسب الأجر 
و رضا الرحمن سبحانه و تعالى .
و لقد أوضح لنا القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة الكثير و الكثير من أسباب الشفاء
 بعد الإستعانة بالله عز و جل و هى أسباب كثيرة و متعددة و يأتى على رأسها الدعاء و القرآن 
ثم العسل و الصدقة و الرقية الشرعية و الحجامة و التلبينة و ماء زمزم الطيب المبارك .
ويأتى هذا كله متوافقاً مع الأمر النبوى بضرورة التداوى كما جاء فى الحديث الصحيح 
( .... فقالوا يا رسول الله هل علينا جناح أن لا نتداوى 
قال تداووا عباد الله فإن الله سبحانه لم يضع داء
 إلا وضع معه شفاء إلا الهرم )
فلا يجب على الإطلاق أن يترك الإنسان نفسه دون طب أو دواء 
و يقول أنه يتوكل على الله و هو سبحانه الذى يشفى و لكن لا بد من الأخذ بالأسباب 
بعد التوكل على الله و التوجه بالدعاء له .
إن المريض يقترب من الله فى مرضه و يشعر بضعفه و قلة حيلته أمام قدرة الله سبحانه و تعالى
 و لكنه أحيانا لا يستلم رسالة المرض بشكلها الصحيح فيسخط و يغضب 
و لا يتحقق لديه الرضا و الصبر و هما الغاية و الهدف من إبتلاء المرض .
أخى الكريم أختى الكريمة 
فليصبر كل منا على ما أبتلاه الله من مرض أو إبتلاء لأن أمر الله حادث لا محالة
 و لا مفر و لا ملجأ إلا له و إليه سبحانه و الداء يا إخوانى و أخواتى ليس داء الجسد 
و لكنه كما قال الشاعر :
كل داءٍ في سقوط الهمم          يجعل الأحياء مثل الرمم
اللهم عافني في بدني ، اللهم عافني في سمعي ، اللهم عافني في بصري
و خلاصة القول :
آية المؤمن أن يلقى الردى          بَاسِم الثغر سرورًا و رضى 
ليس يدنو الخوف منه أبدًا            ليس غير الله يخشى أحدًا
أقوال فى الصبر و الرضا فى المرض 
من القرآن الكريم :-
{ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } 
الشعراء : 80
{ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ 
وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ 
وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا }
الفتح : 17
من السنة المطهرة :-
( ما من مسلم يشاك شوكة في الدنيا يحتسبها ، 
إلا قص بها من خطاياه يوم القيامة ) 
الراوي : أبو هريرة رضى الله تعالى عنه
المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الأدب المفرد الصفحة أو الرقم : 392 
خلاصة حكم المحدث : صحيح
السلف الصالح :-
 " نبتليكم بالشدة و الرخاء ، و الصحة و السقم ، و الغنى و الفقر ، 
و الحلال و الحرام ، و الطاعة و المعصية ، و الهدى و الضلال "
ابن عباس ـ رضي الله عنهما فى تفسير قول الله عز و جل
{ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }
ثمانية لابد منها على الفتى           و لابد أن تجري عليه الثمانية  
سرور و همّ و أجتماع و فرقة     و يسر وعسر ثم سقم وعافية
شاعر عباسى قديم
اشتكى عروة بن الزبير 
الآكلة في رجله ، فقطعوها من ركبته ، و هو صامت لم يئن ، 
و في ليلته تلك سقط ولد له من سطح فمات ، 
فقال عروة : اللهم لك الحمد ، كانوا سبعة من الولد فأخذت واحدا و أبقيت ستة ،
 و كان لي أطراف أربعة ، فأخذت واحدا و أبقيت ثلاثة ،
 فإن كنت أخذت فلقد أعطيت ، و لئن كنت قد أبتليت لقد عافيت  
كان أبو ذر الغفارى رضى الله تعالى عنه جالساً بين الصحابة ، و يسألون بعضهم :
 ماذا تحب ؟ 
فقال : أحب الجوع و المرض و الموت . 
قيل : هذه أشياء لا يحبها أحد . 
قال : أنا إن جعت : رق قلبي 
و إن مرضت : خف ذنبي 
و إن مت : لقيت ربي .
أختكم فى الله 
 .
.