من: الأخت/ الملكة نور
شرح الدعاء من الكتاب و السنة( 40)
شرح دعاء
اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ، و درك الشقاء ، و سوء القضاء ،
و شماتة الأعداء
{ اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ،
وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ }.
المفردات :
قوله : (جهد البلاء) : الجَهد بالفتح هو كل ما يصيب المرء من شدة
و مشقة ، وبالضم ما لا طاقة له بحمله ، و لا قدرة له على دفعه .
قوله: (درك الشقاء) الدَّرَك : اللحوق و الوصول إلى الشيء ، و الشقاء ،
هو الهلاك ، أو ما يؤدي إلى الهلاك ، و هو نقيض السعادة .
قوله : (سوء القضاء) : ما يسوء الإنسان و يحزنه ، و يوقعه في
المكروه من الأقضية المُقدَّرة عليه .
قوله : (شماتة الأعداء) : فرحة الأعداء ببلاء يُصيب العبد .
الشرح :
كان النبي صلى الله عليه و سلم يُكثر من هذا الدعاء ، و أمر به أيضاً
فدلّ على شدّة أهمّيته ، و العناية به لما احتواه من عظيم الاستعاذات ،
و شمولها ، في أهمّ المهمّات ، في أمور الدين والدنيا و الآخرة .
قوله : (اللَّهم إني أعوذ بك من جهد البلاء) : اللَّهمّ أجرني من شدّة البلاء
و مشقّته ، و الذي ما لا طاقة لي بحمله ، و لا أقدر على دفعه ، سواء
كان هذا البلاء جسدياً كالأمراض و غيرها ، أو كان بلاء معنوياً ذِكرياً
كأن يُسلِّط عليَّ من يؤذيني بالسبّ والشتم و الغيبة والنميمة والبهتان
وغير ذلك، فهذه استعاذة من جميع البلاءات بشتى أنواعها وأشكالها .
قوله : (ودَرَك الشقاء) : وأجرني من أن يلحقني مشقّة ، و هلكة في دنياي ،
في نفسي ، و أهلي ، و مالي ، و في آخرتي ، من عقوبة و عذاب بما
اقترفته بسبب الذنوب والآثام .
قوله : (وسوء القضاء) هو ما يسوء الإنسان و يحزنه أو يوقعه في
المكروه من القضية المقدّرة عليه ، و هو شامل في الدين، و الدنيا ،
في النفس ، و الأهل ، و المال ، و الولد ، و الخاتمة ،
و هذه الاستعاذة تتضمّن الحفظ في كل الأمور المذكورة .
و الاستعاذة من سوء القضاء لا يخالف الأمر بالرضا بالقضاء ؛
فإن الاستعاذة منه من قضاء اللَّهسبحانه و تعالى و قدره ، و التي شرعها
لنا و جعلها سُنّة لعباده ؛ لهذا يجب أن يعلم أن القضاء باعتبار العباد
ينقسم إلى قسمين : خير و شر ، فشرع لهم سبحانه الدعاء بالوقاية
من شره ، و الاستعاذة منه ، فهذا في القضاء المقضي المخلوق ، أما قضاء
اللَّه الذي هو حكمه وفعله، فكلّه خير لا شرّ فيه أبداً . كما قال النبي
صلى الله عليه و سلم ( و الشر ليس إليك ) .
لكماله جلّ و علا من كل الوجوه، فلا يدخل الشرّ في صفاته
ولا في أفعاله ، و لا يلحق في ذاته جلّ و علا .
قوله : (شماتة الأعداء): فرح الأعداء بما ينزل على الشخص من مكروه ،
و سوء و محنة ، فينكأ القلب عندها ، و يحزن ، و يبلغ من النفس أشدّ مبلغ ،
و قد يؤدّي إلى العداوة و البغضاء و الحقد ، و قد يُفضي إلى استحلال
ما حرّمه اللَّه تعالى من القتال والانتقام و التعدي و الظلم ؛
لهذا أستعيذ منه لخطورته .
فدلّ هذا الدعاء الجليل على أنه من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى
الله عليه و سلم الذي جمع الاستعاذة من جميع الشرور في الدين و الدنيا ،
فاعتن بهذا الدعاء العظيم في ليلك و نهارك ، و في سفرك وحضرك،
حتى تكون في حفظ اللَّه و عصمته من جميع شرور الدنيا و الآخرة .