الموضوع
:
في نهاية العام من يحاسب نفسه ؟
عرض مشاركة واحدة
#
1
11-20-2011, 07:45 PM
vip_vip
Moderator
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
في نهاية العام من يحاسب نفسه ؟
في نهاية العام من يحاسب نفسه ؟
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد
:
فإن صحة
الأبدان ، وأمن الأوطان ، ورغد العيش هي مقومات الحياة ، ولذا قال النبي صلى الله
عليه وسلم
:
(
من أصبح منكم آمناً في سربه ،
معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها
)
.
[
أخرجه الترمذي وابن ماجه وهو
حديث حسن
] .
بفقدان واحدة من هذه الثلاث يكون
عيش الإنسان منغصاً ولربما تمنى الموت . هذه النعم الثلاث عندما يجدها الإنسان فإنه
لا يحس بمرور الأيام ، وانقضاء الأعوام ؛ فالأيام تمر عليه سريعاً
.
كان هذا
العام بالأمس مبتدئاً ، وها هو الآن ينتهي ، وكأننا لم نعش أيامه وشهوره ؛ لكن
المرضى والخائفين والجائعين والأسرى والمسجونين ، قد طالت عليهم أيامه وأبطأت شهوره
، من شدة ما يجدون ويحسون
!!
ضرورة المحاسبة
:
في آخر أيام هذا العام لا بد من المحاسبة والمراجعة ؛ فالمؤمن يعلم أن حياته
ليست عبثاً ، ويدرك أنه لم يخلق هملاً ، وهو على يقين أنه لن يترك سدى . وقد يعمل
الإنسان في حياته أعمالاً ثم ينساها ؛ لكنه يوم القيامة سيوفاها كما قال تعالى
:
{
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا
فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ شَهِيد
}
[
المجادلة:
6
] .
وقال تعالى
:
{
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ
مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا
وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ
بِالْعِبَادِ
}
[
آل عمران:
30
] .
وقال تعالى
:
{
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ
الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ
خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ
}
[
الأنبياء:
47
] .
إن النعم التي يتقلب الناس فيها ، والصوارف التي تحيط
بهم تجعلهم ينسون الحساب ، ويغفلون عن ذكر يوم المعاد ،
{
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1
)
مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ
يَلْعَبُونَ
}
[
الأنبياء:
1،2
] .
كيفية المحاسبة
:
لا بد أن ينظر الإنسان في عمله ، ويتأمل حاله كيف قضى عامه ؟ وفيم صرف
أوقاته ؟
في عامه الراحل كيف كانت علاقته بربه ؟
هل حافظ على فرائضه ، واجتنب
زواجره ؟
هل اتقى الله في بيته ؟
هل راقب الله في عمله وكسبه وفي كل شؤونه
وأحيانه ؟
فإنه إن فعل ذلك صار يعبد الله كأنه يراه ، فإن لم يكن يراه فإن الله
تعالى يراه . ومن حاسب نفسه في العاجلة أمن في الآخرة ، ومن ضحك في الدنيا كثيراً
ولم يبك إلا قليلاً يخشى عليه أن يبكي في القيامة كثيراً .
كما قال تعالى
:
{
فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا
كَثِيراً
}
[
التوبة:
82
]
قال ابن عباس رضي الله
عنه :
(( ا
لدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاؤا
فإذا انقطعت وصاروا إلى الله تعالى استأنفوا في بكاء لا ينقطع عنهم
أبداً
))
[
أخرجه ابن
جرير وابن أبي شيبة بإسناد صحيح
] .
وعن أبي
هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا : قال رسول صلى الله عليه وسلم
:
((
يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال :
ألم أجعل لك
سمعاً وبصراً ومالاً وولداً ،
وسخرت لك الأنعام والحرث ،
وتركتك ترأس وتربع فكنت
تظن أنك ملاقيَّ يومك هذا ؟
فيقول : لا ، قيقول له : اليوم أنساك كما
نسيتني
))
[
أخرجه
الترمذي بسند صحيح
]
وقال :
معنى قوله : (اليوم
أنساك كما نسيتني) : اليوم أتركك في العذاب
.
علاج القلوب قبل علاج الأبدان
:
إذا كان مرضى الأبدان يشخصون الداء ، ولا يزالون في متابعة
مستمرة للمرض حتى يقضي عليه ؛
فبطريق الأولى والأحرى يفعل ذلك مرضى الذنوب والآثام
.
إن استصلاح القلوب أهم وآكد من استصلاح الأبدان . وإذا كانت الحياة تنقلب
عذاباً عند فساد الأبدان ؛
فعذاب الآخرة أشد وأنكى لمن فسدت قلوبهم
.
إن مجالات
الذنوب والمعاصي في هذا الزمن واسعة ، والداعي لها كثير ، وسبل الطاعة ضيقة ،
والداعي لها قليل .فالفتن تلاحق الناس في أسواقهم وأعمالهم ، وتملأ عليهم بيوتهم ،
وتفسد أولادهم ونساءهم ،
ولا يزال أهل الباطل يجرون عباد الله إلى باطلهم وسيستمرون
، فماذا علمنا لدرء الشر
عن أنفسنا وبيوتنا ؟
!
إن عامنا يمضي وذنوبنا تزداد ، وإن آخرتنا تقترب ونحن عنها غافلون
–
إلا من رحم الله وقليل ما هم!- نم
نّ على الله
بالقليل من الطاعات ، ونواجهه بالكبائر والموبقات
!!
فهل ندرك أننا لا نزال غافلين ؟
!
جاء قوم إلى إبراهيم أدهم رحمه الله
في سنة أمسكت فيها السماء وأجدبت فيها الأرض
فقالوا له : استبطأنا المطر
فادع الله لنا . فقال : تستبطئون المطر ، وأنا استبطئ
الحجارة
.
آثار الذنوب على الأمة
:
بسبب الذنوب والمعاصي ، وإصرار كثير من العباد عليها : أصبحت
أمة الإسلام مائدةً
ممدودة لكل طاعم ،
وصندوقاً مفتوحاً لكل آخذ ، وقصة يحكيها كل
شامت ، نسوا الله فنسيهم ، وتركوا
أمره فسلط عليهم أعداءهم
.
أورثتهم الذنوب
ذلاً ومهانة ، سكنت معها القلوب بل ماتت . ألفت العيون دموع اليتامى ،
واعتادت
الآذن
على أنات الأيامى . ولقد أصبح قتل المسلم الأعزل في كثير من الأقطار أمراً
سهلاً ؛ بل ممتعاً يدعو
للفرحة والنزهة من قبل الكافرين .. ولا حول ولا قوة إلا
بالله العزيز الحكيم
.
والمصيبة أنه يصاحب هذا التسلط من الأعداء تفرق المسلمين
؛ وتشتت أمرهم ، واختلاف كلمتهم ؛ فبعضهم
يكره بعضاً ، ويتباغضون أشد من بغضهم
لأعدائهم في كثير من الأقطار والبقاع . فلماذا كل هذا ؟
!
إن النظرة المتأنية
لأسباب هذا الذل والهوان ، وذلك الاختلاف والافتراق توجد قناعةً مفاداها أن
الذنوب
والمعاصي من أهم أسباب ذلك ؛ بل هي السبب الرئيسي له
.
ماذا قدمنا لأمتنا ؟
!
إن جميع المسلمين في الأرض لم يرضوا عن واقعهم المهين ؛ لكن هل تحركوا
لتغييره ؟
!
كل فرد من الأفراد يتأسف ويأسى لواقع أمته ، ولو تأملت حاله لوجدته
سبباً من أسباب هذا الواقع
!!
إن صلاح الأفراد فيه صلاح الأمم ، وإن فسادهم فيه
فسادها .. إذا أصلح كل فرد نفسه ومن هم
تحت يده ، ونشر الإصلاح
بين الناس على قدر
جهده ووسعه صلحت الأمة بإذن الله تعالى . أما أن يكون كل فرد فاسداً
في نفسه مفسداً
لمن
هم تحت يده – إلا من رحم الله – ويريد أن تصلح الأمة ، وأن تعتز وتنتصر على
أعدائها ؛ فذلك
من أبعد المحال ، والله لا يصلح عمل المفسدين
.
إن مشكلتنا تتخلص
في أننا لا نحس بأننا سبب من أسباب انحدار أمتنا وتخلفها ،
ونتغافل عن كوننا جزءاً
من أجزاء الأمة التي نريد صلاحها ، وكل واحد منا يرمي باللائمة على الغير . ومن
المضحك جداً أن
نلوم عدوّنا ، ونجعله سبب مشاكلنا ؛ لكي نتنصل من مسؤولياتنا ،
ونرتاح من تبعات التحليل والتدقيق ،
والمحاسبة والتقويم ، فهل ندرك ذلك في نهاية
عام نودعه وبداية عام نستقبله ؟! ونفقه أن الأمة لن تصلح
وتنتصر حتى يصلح كل فرد من
أفرادها نفسه ، وينتصر على أهوائه وشهواته ؟! نرجو أن ندرك ذلك ونعقله
.
وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه
وسلم
vip_vip
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى vip_vip
زيارة موقع vip_vip المفضل
البحث عن المشاركات التي كتبها vip_vip