من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
معنى اسم الحافظ والحفيظ (05)
مَعْنَى الاسْمَينِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:
قَالَ الخَطَّابِيُّ:
"هُوَ الحَافِظُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ، كَالقَدِيرِ وَالعَلِيمِ، يَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
وَمَا فِيهَا، لِتَبْقَى مُدَّةَ بَقَائِهَا، فَلَا تَزُولُ وَلَا تُدْثَرُ، كَقَوْلِهِ عز وجل:
{ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا } [البقرة: 255].
وَقَالَ: { وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ } [الصافات: 7]،
أَيْ: حَفِظْنَاهَا حِفْظًا وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَهُوَ الذِي يَحْفَظُ عَبْدَهُ مِنَ المَهَالِكِ وَالمَعَاطِبِ، وَيَقِيَهُ مَصَارِعَ السُّوُءِ
كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ }
[الرعد: 11]: أَيْ بِأَمْرِهِ.
وَيحْفَظُ عَلَى الخَلْقِ أَعْمَالَهُمْ، وَيُحْصِي عَلَيْهِم أَقْوَالَهُمْ، يَعْلَمُ نِيَّاتِهِم وَمَا تُكِنُّ
صُدُورُهُم، وَلَا تَغِيبُ عَنْهُ غَائِبَةٌ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.
وَيَحْفَظُ أَوْلِيَاءَهُ، فَيَعْصِمُهُم عَنْ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ، وَيحْرُسُهُمْ عَنْ مُكايَدةِ
الشَّيْطَانِ، لِيَسْلَمُوا مِنْ شَرِّهِ، وَفِتْنَتِهِ" اهـ.
وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: "(الحَافِظُ) وَمَعْنَاهُ: الصَّائِنُ عبْدَهُ
عَنْ أَسْبَابِ الهَلَكَةِ فِي أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ"اهـ.
قَالَ القُرْطُبِيُّ: "فَهَذَا الاِسْمُ يَكُونُ مِنْ أَوْصَافِ الذَّاتِ، وَمِنْ أَوْصَافِ الفِعْلِ.
فَإِذَا كَانَ مِنْ أَوْصَافِ الذَّاتِ فَيْرجِعُ إِلَى مَعْنَى (العَلِيمِ)؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِعِلْمِهِ جَمِيعَ
المَعْلُومَاتِ فَلَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيءٌ مِنْهَا، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْفَظُ القُرْآنَ: أَيْ هُوَ
حَاضِرٌ فِي قَلْبِهِ، وَفِي مُقَابَلَةِ هَذَا الحِفْظِ النِّسْيَانُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا }
[مريم: 64]،
وَقَوْلُهُ:
{ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى } [طه: 52].
وَإِذَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ فَيرْجِعُ إِلَى حِفْظِهِ لِلْوُجُودِ، وَضِدُّ هَذَا الحِفْظِ
الإِهْمَالُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا} [يوسف: 64]".
وَقَالَ: "وَالحِفْظُ أَيْضًا قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الجَمْعِ وَالوَعْيِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: حَفِظْتُ
القُرْآنَ: أَيْ جَمَعْتُهُ إِذَا قَرَأْتُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، وَحَفِظْتُ المَتَاعَ إِذَا جَمَعْتُهُ
فِي الوِعَاءِ، وَالوَعْيُ وَالجَمْعُ حِرَاسَةٌ فَاعْلَمْ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى المُرَاقَبَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ } [الشورى: 6].
وَقَدْ يَكُونُ الحِفْظُ بِمَعْنَى الأَمَانَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ يُوُسُفَ:
{ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } [يوسف: 55]، أَيْ: جَمُوعٌ
لِمَا يَكُونُ فِي الخَزَائِنِ مِنْ مَظَانِّ حُقُوقِهَا، مَنُوعٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ وَاجِبِهَا.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الإِحْصَاءِ عَدَدًا وَعِلْمًا" اهـ.
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين