عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-08-2012, 06:57 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي صيد الخاطر لابن الجوزي - للجاهل فائدة


رأيت أكثر الخلق في وجودهم كالمعدومين ،
فمنهم من لايعرف الخالق ،
و منهم من يثبته على مقتضى حسه ،
و منهم من لا يفهم المقصود منالتكليف .

فترى المتوسمين بالزهد يدأبون في القيام و القعود ،
و يتركون الشهوات و ينسون ما قد أنسوا به
من شهوة الشهرة ، و تقبيل الأيادي .
و لوكلم أحدهم لقال : ألمثلي يقال هذا ؟ و من فلان الفاسق ؟

فهؤلاء لا يفهمون المقصود ،
و كذلك كثير من العلماء في احتقارهم غيرهم ، و التكبر في نفوسهم .
فتعجبت كيف يصلح هؤلاء لمجاورة الحق ، و سكنى الجنة ! ؟

فرأيت أن الفائدة في و جودهم في الدنيا ،
تجانس الفائدة في دخولهم الجنة فإنهم في الدنيا بين معتبر به ،
يعرف عارف الله سبحانه نعمة الله عليه ،
بما كشف له مما غطى عن ذلك ، [ و يتم النظام بالإقتداء تصور أولئك ] .
فإن العارف لا يتسع وقته لمخالطة من يقف مع الصور ،
فالزاهد كراعي البهم ، و العلم كمؤدب الصبيان ، و العارف كملقن الحكمة .

و لولا نفاط الملك و حارسه ، و وقاد أتونه ، ما تم عيشه .
فمن تمامعيش العارف استعمال أولئك بحسبهم ،
فإذا وصلوا إليه حرر مانعهم ، و فيهم من لا يصل إليه ،
فيكون وجود أولئك كزيادة ـ لا ـ في الكلام . هي حشو ، و هي مؤكدة .
فإن قال قائل : فهب هذا يصح في الدنيا . فكيف في الجنة ؟
و الجواب : أن الأنس بالجيران مطلوب ،
و رؤية القاصر من تمام لذة الكامل ، و لكل شرب .

و من تأمل ما أشرب إليه ، كفاه رمز لفظي عن تطويل الشرح .



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



الحلم - روائع القصص



- قال علي بن أبي طالب : سألت كثيرًا من كبراء فارس عن أحمد ملوكهم عندهم ؟ قال : أزدشير فضل السبق ، غير أن أحمدهم سيرة أنوشروان . قال : فأي أخلاقه كان أغلب عليه ؟ قال : الحلم والأناة . فقال علي : هما توأمان أن تجتهما علوُّ الهمَّة [1] .


- كان سَلْم بن نوفل سيِّد بني كنانة قد ضربه رجلٌ من قومه بسيفه، فأُخِذَ، فأُتِي به إليه فقال له: ما الذي فعلت ، أما خشيت انتقامي ؟ قال : لا . قال : فَلِمَ ؟ قال : ما سوَّدْنَاك إلاَّ أن تكظم الغيظ وتعفو عن الجاني ، وتحلُم على الجاهل ، وتحتمل المكروه في النفس والمال . فخلَّى سبيله . فقال قائلهم : تُسَوَّدُ أَقْوَامٌ وَلَيْسُوا بِسَادَةٍ [2].


- قال الأحنف بن قيس : تعلَّمْتُ الحِلْمَ من قيس بن عاصم المنقري ، إني لجالسٌ معه في فناء بيته وهو يحدِّثُنا إذ جاءت جماعة يحملون قتيلاً ، ومعهم رجل مأسور ، فقيل له : هذا ابنك قتله أخوك . فو الله ما قطع حديثه ، ولا حلَّ حبوته [3] حتى فرغ من منطقته [4].


- رُوِيَ أن رجلاً أسرع في شتم بعض الأدباء وهو ساكت ، فحمى له بعض المارِّين في الطريق ، وقال له : يرحمك الله ألا أنتصر لك ؟ قال : لا . قال : ولِمَ ؟ قال : لأني وجدتُ الحِلْمَ أَنْصَرَ لي من الرجال ، وهل حاميت [5] لي إلاَّ لحِلْمِي ؟


- وقال عبد الله بن عمر : إن رجلاً ممن كان قبلكم استضاف قومًا فأضافوه ، ولهم كلبة تنبح ، فقالت : والله لا أنبح ضيف أهلي الليلة . فعوى جراؤها في بطنها، فبلغ ذلك نبيًّا لهم أو قَيْلاً[6] من أَقْيَالهم، فقال: مَثَلُ هَذَا مَثَلِ أُمَّةٍ تكون بعدكم، تظهر سفهاؤها على حُلَمَائِها[7].


- مَرَّ عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بناس من بني جمح ، فنالوا منه، فبلغه ذلك ، فمرَّ بهم وهم جلوس ، فقال : يا بني جمح ، قد بلغني شتمكم إيَّايَ ، وانتهاككم ما حَرَّم الله ، وقديمًا شتم اللئام الكرام فأبغضوهم ، و ايم الله ما يمنعني منكم إلاَّ شِعْرٌ عرض لي ، فذلك الذي حجزني عنكم . فقال رجل منهم : وما الشعر الذي نهاكم عن شتمنا ؟ فقال [8] :


فو الله ما عطفا عليكم تركتكم *** ولكنني أكرمتُ نفسي عن الجهلِ


نأوت بها عنكم وقلتُ لعاذلي *** على الحِلْم دعني قد تداركني عقلي


وجللني شيب القذال[9] ومن يشب *** يكن قَمِنًا من أن يضيق عن العذلِ


وقلتُ لعلَّ القوم أخطأ رأيهم *** فقالوا و خالُوا الْوَعْثَ كالمنهج السهل


فمهلاً أريحوا الحلم بيني وبينكم *** بني جمح لا تشربوا أكدر الضَّحْل[10] .


- عن شيخ من طيِّئ ، قال: قال معاوية : يا معشر طيِّئ مَنْ سيِّدكم ؟ قالوا : خريم بن أوس : من احتمل شتمنا، وأعطى سائلنا ، وحلم عن جاهلنا ، واغتفر، فضلَّ ضربْنَا إيَّاه بعصِيِّنَا [11] .


- قال عبد الله بن البوَّاب : كان المأمون يحلم حتى يغيظنا في بعض الأوقات ، جلس يستاك على دجلة من وراء ستر ، ونحن قيامٌ بين يديه ، فمرَّ ملاَّحٌ وهو يقول : أتظنُّون أنَّ هذا المأمون ينبل في عيني وقد قَتَل أخاه . قال : فو الله ما زاد على أن تبسَّم ، وقال لنا : ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل [12] .


- جاءت جاريةٌ لمنصور بن مِهْرَان بمَرَقَةٍ فهَرَاقَتْها عليه ، فلمَّا أحسَّ بحَرِّها نظر إليها ، فقالت : يا معلم الخير، اذكر قول الله . قال : وما هو ? قالت :

{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}.

قال : كظمتُ . قالت : واذكر

{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}.

قال : قد عفوتُ . قالت : واذكر

{وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}

[آل عمران : 134] .
قال : اذهبي فأنت حُرَّة [13] .


المصادر :


[1] أبو بكر الطرشوشي : سراج الملوك ، الباب الثامن والعشرون : الحلم 1/66.

[2] شطر من الطويل ، وقال ابن دريد في الاشتقاق : يقول فيه الشاعر الجعفري .

[3] الحِبْوة و الحُبْوة : الثوبُ الذي يُحْتَبَى به ،
و الاحتباء : أَن يَضُمَّ الإِنسانُ رجليه إِلى بطنه بثوب يجمعهما به
مع ظهره ويَشُدُّه عليها . انظر: ابن منظور : اللسان 14/160.

[4] أبو بكر الطرشوشي : سراج الملوك ، الباب الثامن والعشرون : الحلم .

[5] حاميت : أي غضبت . انظر: ابن منظور : اللسان 14/197.

[6] القَيْل : المَلِك ، وجمعه أَقْيال و قُيُول . انظر: ابن منظور : اللسان 11/572.

[7] أبو بكر الطرشوشي : سراج الملوك ، باب الحلم .

[8] الأبيات من الطويل .

[9] القذال: جماع مؤخر الرأس وأول العنق.

[10] ابن أبي الدنيا: الحلم ص44.

[11] ابن أبي الدنيا: الحلم ص40.

[12] ابن الجوزي : أخبار الظراف و المتماجنين ص88 ، 89.

[13] أبو حيان التوحيدي : الإمتاع والمؤانسة 1/261.

رد مع اقتباس