عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-06-2012, 10:03 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي صيد الخاطر لابن الجوزي - في الأسباب و المسببات


صيد الخاطر لابن الجوزي - في الأسباب و المسببات
قلوب العارفين يغار عليها من الأسباب
و إن كانت لا تساكنها لأنها لما انفردت
لمعرفتها أنفرد لها
بتولي أمورها .

فإذا تعرضت بالأسباب محى أثر الأسباب :

{ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً }
و تأمل في حال يعقوب و حذره على يوسف عليهم السلام ،
حتى قال
:

{ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ }


فقالوا :

{ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ }
فلما جاء أوان الفرج ، خرج يهوذا بالقميص فسبقه الريح

{إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ}
و كذلك قول يوسف عليه السلام للساقي :

{اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ}


فعوقب بأن لبث سبع سنين ،
و إن كان يوسف عليه السلام يعلم أنه لا
خلاص إلا بإذن الله ،
و أن التعرض بالأسباب مشروع ،
غير أن الغيرة أثرت في العقوبة
.

و من هذا قصة مريم عليها السلام

{وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}


فغار المسبب من مساكنة الأسباب

{كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً}
و من هذا القبيل ما يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :

(
أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا منحيث لا يحتسب).

و الأسباب طريق ، و لا بد من سلوكها .
و العارف لا
يساكنها غير أنه يجلي له من أمرها ما لا يجلي لغيره ،
من أنها لا تساكن ، و ربما
عوقب إن مال إليها و إن كان ميلاً لا يقبله ،
غير أن أقل الهفوات يوجب الأدب ،

و
تأمل عقبي سليمان عليه السلام لما قال :

[ لأطوقن الليلة على مائة إمرأة ،
تلد كل
واحدة منهن غلاماً و لم يقل :
إن شاء الله ، فما حملت إلا واحدة جاءت بشق غلام
] .

و لقد طرقني حالة أوجبت التشبث ببعض الأسباب
إلا أنه كان من ضرورة ذلك لقاء
بعض الظلمة ،
و مداراته بكلمة .
فبينا أنا أفكر في تلك الحال دخل علي قارئ فاستفتح
فتفاءلت بما يقرأ فقرأ

{وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ
وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}
فبهت من إجابتي على خاطري ، و قلت لنفسي :
اسمعي فإنني طلبت النصر في هذه المداراة فأعلمني القرآن
أنني
إذا ركنت إلى ظالم فاتنى ما ركنت لأجله من النصر .

فيا طوبى لمن عرف المسبب و تعلق به ،
فإنها الغاية القصوى ، فنسأل الله أن يرزقنا
.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس