تغريب الأفكار مابين الجهل والإصرار
_ بقلم مشرفة قسم المقالات وفاء العتيبي
مجتمعاتنا العربية ليست بمعزل عن ما يدور من أحداث في العالم، فأصبحت التقنية الحديثة الصديق الجديد للأسف بدلاً عن الأشخاص أو الكتب..
ولما لهذا الانفتاح على الدول الغربية وأيضا الدول العربية من إيجابيات ؛ كالتعريف بالثقافات والعادات والتقاليد حتى الطقوس الدينية ليست بمنأى عن الجميع ،كذلك له مساؤى جمة تبدأ بالانسلاخ عن المجتمع الحقيقي وتنتهي بذوبان الهوية الحقيقية وتشويهها، وإنتاج جيل جديد مغاير لقيمنا الثابتة..
بات كل بيت عربي و مسلم خائف وحائر كيف لبناتنا اللاتي تربين في بيوت الفضيلة أن يتمردن و يخرجن بحجة العمل أو غيره، غير مباليات بالخوف من الله أو من خلقه.. فترى هذه متبرجة والأخرى نازعة للحجاب وهو في نظرها عدو لدود مقيد للحرية..
والحقيقة التي تناسينها جيل اليوم أن بالحشمة والحياء ولبس الحجاب وقاية لهن و أنهن أول من يحترم المحجبات و يعترفن في قرارة أنفسهن بأن الحجاب عبادة وحصانة وليس عادة متوارثة في منطقة عن أخرى..
تغريب عقول بناتنا بخلع الحجاب و مزاحمة الرجال في العمل، و جعل الكماليات أساسيات للحياة؛ خطر عظيم يجتث أصول الدين الإسلامي و يفكك الأسر فلا نستنكر ما آلت إليه المجتمعات من تفكك و من معاصي عظيمة وجرأة على الله؛ ولأن النساء هن أساس البيوت و أركانها الثابتة فزعزتها هدمٌ للمجتمع..
الجيل القادم لا يصلنا منه إلا إشارات مرعبة، مابين تحريض على أولياء الأمور بحجة العنف الأسري، و هروب للمجتمعات الغربية، والسقوط في هاوية الضياع والخسران، أو انقلاب للطبيعة والتحويل من جنس لآخر بحجة الحرية الشخصية و إلصاق هذه الكارثة الإنسانية بالمرض النفسي وهو منها بريء كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام..
جلست أتجاذب الحديث مرة مع مراهقات عن المستقبل وعن طموحهن وهآلني ماسمعت منهن .. كانت أقصى آمالهن أن يتحررن من بيوت أهاليهن و يعيشن بمفردهن على غرار المجتمعات الغربية و أن فكرة الهروب للخارج سهلة و ميسرة وأنها تختلف تماماً عن الفكرة التي أخبروهن بعواقبها الأهالي .. فلما سألتهن ولماذا الأهل يخبروننا بأشياء غير صحيحة بمنظوركن، كان الرد قاسي ومخيف كل واحدة ترى أن والدها أو والدتها تخشى على سمعة العائلة أو تريد فرض سيادة و تحكم دون أن يذكرن أن ذويهن يخافون عليهن لأنهم يحبونهن و يقدرونهن ..
هنا توقفت لاسأل نفسي هل المشكلة فينا (الجيل الطيب كما يصفوننا ) أو فيهم الجيل العجيب كما يترأى لي..
وعندما عدت لأيام المراهقة وتذكرت بيئتنا التي تكاد تكون نسخ لصق في كل بيت سعودي وجدت التشابه في أغلبها من حيث الأساس؛ فأمهاتنا غير متعلمات أو حاصلات على تعليم بدائي مكتفيات بذاتهن وهمهن الوحيد أن يصنعن جيلاً قارئاً متعلماً، وحتى القله القليلة المتعلمة منهن ، كان هدفها الأساسي تعليم الأبناء والبقاء تحت ظل الرجل الذي كان هو عمود البيت و سيده و اقتصرت الأعمال والوظائف على مهن لا يوجد بها اختلاط..
أما الآن وبعد أن أصبح كل الأمهات متعلمات و منهن عدد لايستهان به موظفات خرج لنا جيل لم يشعر بقيمته ولا يتحمل مسؤولية نفسه..
أين الخلل أتعبني هذا التفكير الأم المتعلمة الواعية المدركة لم تستطع بتعليمها وقراءتها لأجود الكتب والمتخصصة في التربية و علم النفس أن تصنع فتاة واحدة مثلها أو تشبهها في التفكير بينما الأم الأمية التي لم تقرأ ولم تبحث أنشأت فتيات واعيات محتشمات فكرياً و سلوكياً..
لا أهاجم الأمهات المتعلمات فأنا واحدة منهن ولكنني أرى أن الخلل بدى واضحاً وضوح الشمس ولا مجال للتخفي والتملص من المسئولية..
تعليمنا مهمٌ للغاية وضروي ومطلب وحق للجميع ولكن لايعني أنني متعلمة أن ألغى الثوابت الدينية والمعتقدات والعادات والتقاليد والقيم الأخلاقية واستبدلها بالحرية المزعومة والاستقلالية الكاذبة فجمال النساء لا يكتمل إلا بعقل الرجال.. ووجود رجل يدير شئون البيت الخارجية يتكامل مع إدارة المرأة لشئون بيتها الداخلي فلا يتعارض هذا مع ذاك.. فالحياة الأسرية تكامل و تكافل..
ليس من الرجولة أيضاً أن يترك الرجل كل مهام التربية والتعليم و تلبية طلبات الأبناء و التنزه معهم وكل شيء على عاتق المرأة وهو يمولها فقط أو يجبرها على العمل لسد احتياجات بيتها وأطفالها..
القوامة نهج رباني وبه فضل الله الرجال على النساء ولابد أن تعيي كل حرة شريفة أن ما اختاره الله وما خلقه لها أفضل من خزعبلات الغرب وأن مقاصد الغرب اجتثاث الإسلام من جذوره ولا يكون ذلك إلا بتمرد النساء و انشغالهن عن مهماتهن الأصلية بشعاراتٍ زائفة و جملٍ رنانة لا تحوي على هدف واضح..
إلى كل بنات وطني و إلى كل مسلمة غيورة على دينها وتخاف ربها وترجو ماعند الله.. قفي قليلاً وحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي واعلمي أُخيتي أننا لسنا أهل الأرض وأن مكاناً ينتظرنا في الأعالي أجمل بكثير من الدنيا ومافيها فلا يغرنك متاع الغرور ، و أنظري لما زرعتي من نشء واسقيه بالحب والحنان واحتويه بالحكمة والدعاء لعل الله ينجينا من مغبات التغريب و التحريف..
أسأل الله العظيم أن يردنا إليه رداً جميلاً..
بقلم وفاء العتيبي 🕊️