لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يدعه يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة
قال الإمام أحمد :
لولا المصائب لقدمنا القيامة مفاليس.
وروى البخاري عن أبي هريرةأن النبي قال
(ما يصيب المؤمن من وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى
حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)
وقال:
( ولا يزال البلاء بالمؤمن في أهله وماله
وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)
.
الترمذي
عن جابر قال
(يود الناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض
في الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء)
عن أنس مرفوعاً
( إن عظم الجزاء من عظم البلاء
وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم
فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط)
وأخرج مسلم أنه قال
( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن
إن أصابه سراء فشكر الله فله أجر
وإن أصابته ضراء فصبر فله أجر فكل قضاء الله للمسلم خير)
فكل ألم يصيبه حتى الشوكة يشاكها يكفر الله بها من خطاياه
وكم من شخص كان المرض بابه الذي دخل من خلاله إلى الجنة.
فلا يزال البلاء بالمؤمن حتى يدعه يمشي على الأرض
وليس عليه خطيئة لذلك أقول لكل مريض مهما كن مرضه
ارض بما قسم الله لك واعلم أنك إن صبرت واحتسبت
صار هذا المرض تكفيراً لخطيئتك ورفعة في درجتك
وأظهر الرضاوالتسليم لكل من زارك ليعلموا أن لله عباداً
يحبونه يرضون بقضائه ويصبرون على
بلائه يباهي الله بهم أهل السماء ويجعلهم قدوة لأهل الأرض
أفلا نكون منهم.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته من راقب الله في السر والعلن
فاز في الدنيا والاخره وصلح عمله واستقامت عبادته
وكان من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه مراقبة الله عزوجل
سر فلاح العبد وسعادته في الدنيا والآخرة
ولابن القيم رحمه الله كلام جميل عنها في كتابه الرائع النفيس
مدارج السالكين
وفي حديث جبريل عليه السلام :
أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم
(عن الإحسان ؟ فقال له : أن تعبد الله كأنك تراه .
فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
.
المراقبة تعريفها :
دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره
وباطنه فاستدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة وهي ثمرة
علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله
وهو مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة وكل نفس
وكل طرفة عين والغافل عن هذا بمعزل عن حال أهل البدايات
فكيف بحال المريدين ؟ فكيف بحال العارفين ؟ .
قال الجريري :
من لم يحكم بينه وبين الله تعالى التقوى والمراقبة :
لم يصل إلى الكشف والمشاهدة .
وقيل :
من راقب الله في خواطره عصمه في حركات جوارحه .
فقال :
إذا علم أن عليه رقيبا .
وقال الجنيد :
من تحقق في المراقبة خاف على فوات لحظة من ربه لا غير .
وقال ذو النون :
علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله
وتعظيم ما عظم الله وتصغير ماصغر الله .
وقيل :
الرجاء يحرك إلى الطاعة والخوف يبعد عن المعاصي
والمراقبة تؤديك إلى طريق الحقائق .
وقيل :
المراقبة مراعاة القلب لملاحظة الحق مع كل خطرة وخطوة .
وقال الجريري :
أمرنا هذا مبني على فصلين :
أن تلزم نفسك المراقبة لله وأن يكون العلم على ظاهرك قائما .
وقال إبراهيم الخواص :
المراقبة خلوص السر والعلانية لله عز وجل .
وقيل :
أفضل ما يلزم الإنسان نفسه في هذه الطريق :
المحاسبة والمراقبة وسياسة عمله بالعلم .
وقال أبو حفص ل أبي عثمان النيسابوري :
إذا جلست للناس فكن واعظا لقلبك ونفسك ولا يغرنك
اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله يراقب باطنك .
وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر :
سبب لحفظها في حركات الظواهر فمن راقب الله
في سره حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته .
والمراقبة هي التعبد باسمه الرقيب الحفيظ ،
العليم السميع البصير فمن عقل هذه الأسماء
وتعبد بمقتضاها : حصلت له المراقبة . والله أعلم .
المراقبة :
دوام ملاحظة المقصود وهي على ثلاث درجات درجات المراقبة .
الدرجة الأولى :
مراقبة الحق تعالى في السير إليه على الدوام بين تعظيم
مذهل ومداناة حاملة . وسرور باعث . فقوله : دوام ملاحظة المقصود أي دوام حضور القلب معه .
وقوله : بين تعظيم مذهل فهو امتلاء القلب من عظمة الله عز وجل .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذوق طعم الإيمان
ووجد حلاوته فذكر الذوق والوجد وعلقه بالإيمان
فقال : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام
دينا وبمحمد رسولا وقال :
(ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان :
من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن يكره
أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار )
.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول :
إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا فاتهمه
فإن الرب تعالى شكور يعني أنه لا بد أن يثيب العامل
على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة
انشراح وقرة عين فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول .
