عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-10-2010, 10:01 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه

ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على
راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه ,
وعليها طعامه وشرابه فأيس منها
فأتى شجرة فاضطجع في ظلها
– قد أيس من راحلته –
فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها
ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك
– أخطأ من شدة الفرح"

سبحان الله ... وما أجمل تلك الحكاية التي ساقها

ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين حيث قال :
" وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين
أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي
يستغيث ويبكي , وأمه خلفه تطرده حتى خرج ,
فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي
غير بعيد ثم وقف متفكرا , فلم يجد له مأوى
غير البيت الذي أخرج منه , ولا من يؤويه غير والدته ,
فرجع مكسور القلب حزينا . فوجد الباب مرتجا
فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام ,
وخرجت أمه , فلما رأته على تلك الحال لم تملك
أن رمت نفسها عليه , والتزمته تقبله وتبكي وتقول
: يا ولدي , أين تذهب عني ؟
ومن يؤويك سواي ؟
ألم اقل لك لا تخالفني ,
ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف
ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك
وارادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت .

فتأمل قول الأم :
لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف
ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة .
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم

" الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها"
وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد أستدعى منه صرف تلك
الرحمة عنه , فإذا تاب إليه فقد أستدعى منه ما هو
أهله وأولى به .
فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم

من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة
بعد اليأس منها .

حين تقع في المعصية وتلم بها فبادر بالتوبة

وسارع إليها , وإياك والتسويف والتأجيل فالأعمار
بيد الله عز وجل , وما يدريك لو دعيت للرحيل
وودعت الدنيا وقدمت على مولاك مذنبا عاصي
,ثم أن التسويف والتأجيل قد يكون مدعاة
لاستمراء الذنب والرضا بالمعصية ,
ولئن كنت الآن تملك الدافع للتوبة وتحمل الوازع
عن المعصية فقد يأتيك وقت تبحث فيه
عن هذا الدافع وتستحث هذا الوازع فلا يجيبك .
لقد كان العارفون بالله عز وجل يعدون تأخير

التوبة ذنبا آخر ينبغي أن يتوبوا منه قال
العلامة ابن القيم " منها أن المبادرة إلى التوبة
من الذنب فرض على الفور , ولا يجوز تأخيرها ,
فمتى أخرها عصى بالتأخير , فإذا تاب من
الذنب بقي عليه التوبة من التأخير ,
وقل أن تخطر هذه ببال التائب , بل عنده
انه إذا تاب من الذنب لم يبقى عليه شيء آخر."

ومن موجبات التوبة الصحيحة :

كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء
ولا تكون لغير المذنب , تكسر القلب
بين يدي الرب كسرة تامة , قد أحاطت به
من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه
طريحا ذليلا خاشعا ,
فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته وليرجع

إلى تصحيحها , فما أصعب التوبة الصحيحة
بالحقيقة , وما أسهلها باللسان والدعوى.

فإذا تكرر الذنب من العبد فليكرر التوبة ,

ومنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله : أحدنا يذنب , قال يكتب عليه ,
قال ثم يستغفر منه ويتوب ,قال : يغفر له ويتاب عليه ,
قال : يكتب عليه , قال :ثم يستغفر ويتوب منه
,قال : يغفر له ويتاب عليه . قال فيعود فيذنب .
قال : "يكتب عليه ولا يمل الله حتى تملوا"

وقيل للحسن :
ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ,
ثم يستغفر ثم يعود , فقال : ود الشيطان
لو ظفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار .

إن الهلاك كل الهلاك في الإصرار على الذنوب

وان تعاظم ذنبك فاعلم أن النصارى قالوا
في المتفرد بالكمال : ثالث ثلاثة . فقال لهم
( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه )
وإذا كدت تقنط من رحمته فان الطغاة الذين
حرقوا المؤمنين بالنار عرضت عليهم التوبة :
( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا )

هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على

نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

رد مع اقتباس