الموضوع: ملف شهر شعبان
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-23-2012, 07:00 AM
هيفولا هيفولا غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 7,422
افتراضي ملف شهر شعبان

(1)شهر شعبان


هذه نقاط تتعلق بشهر شعبان،
فأقول مستعيناً بالله تعالى، مستلهماً الصواب منه:

أولاً: سبب تسميته.
قال ابن حجر رحمه الله: "وسمي شعبان؛
لتشعبهم في طلب المياه أو في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام،
وهذا أولى من الذي قبله. وقيل فيه غير ذلك"([1]).

وهناك عدة أقوال منها:

ذلك لانه من التشعب وهو التفرق
وذلك لتفرقهم في طلب المياه او لتشعبهم في الغارات والحروب
بعد قعودهم في رجب
او لانه فصل بين رمضان ورجب
،
او لانه تتفرق فيه القبائل لقصد الملوك والتماس العطية

،
وايضا قيل من الاجتماع لانهم كانوا يجتمعون فيه بعد التفرق

صوم شعبان.
ثبت في الصحيحين عن عائشة رضِيَ الله عَنْهَا أنها قالت:
لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ،
فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّه».

وفي رواية لهما عنها رضي الله عنها:
«كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا».
قال ابن المبارك رحمه الله:
"جَائِزٌ في كَلَامِ الْعَرَبِ إذا صَامَ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يُقَالَ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ"([2]).

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

سبب صوم شعبان.
هذه مسألة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ومثل هذا لا نحتاج معه إلى قول غيره.
فقد حدث أسامةُ بنُ زيد رضي الله عنهما أنه قال
: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟
قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ،
وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»

رواه النسائي، وحسنه الألباني.

فاشتمل الحديث على سببين:
الأول:
أنه شهر يُغفل عن الصوم فيه.
والعبادة في وقت الغفلة ومكانها لبمكانٍ.
ويدل لهذا خمسة أدلة:
الأول:
قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«سبق المفردون». ثم عرفهم بقوله: «الذاكرون الله كثيراً والذاكرات»
رواه مسلم.
قال المناوي رحمه الله: "المفردون: أي المنفردون المعتزلون عن الناس،
من فرد إذا اعتزل وتخلى للعبادة،
فكأنه أفرد نفسه بالتبتل إلى الله تعالى"([3]).
فهؤلاء لما ذكروا الله وقد غفل غيرهم كان السبق لهم.
الثاني:
قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ،
فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ الله فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ»

رواه الترمذي.

وجوف الليل: نصفه.
وجوف الليل الآخِر: نصف نصفِه الثاني،
أي: سدسه الخامس. وهو وقت النزول الإلهي،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ،
يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ»
رواه الشيخان.
ومثل هذه النصوص يتعين حيالها أمران: الإقرار والإمرار.
الإقرار: الإيمان بما فيها. والإمرار: الإيمان الذي لا يعتريه ما يقدح فيه،
من التأويل، والتفويض، والتشبيه.

الثالث:
قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«العبادة في الهرج كهجرةٍ إليَّ»
رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: "المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس،
وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها
ويشتغلون عنها ولايتفرغ لها إلا أفراد"([4]).
الرابع:
قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ،
يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،
كَتَبَ الله لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ»

روه الترمذي.
وإنما خُصَّ السوق بذلك لكونه مكان غفلة.
الخامس:
قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمْ الله:
الرَّجُلُ يَلْقَى الْعَدُوَّ فِي الْفِئَةِ فَيَنْصِبُ لَهُمْ نَحْرَهُ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لِأَصْحَابِهِ،
وَالْقَوْمُ يُسَافِرُونَ فَيَطُولُ سُرَاهُمْ حَتَّى يُحِبُّوا أَنْ يَمَسُّوا الْأَرْضَ،
فَيَنْزِلُونَ، فَيَتَنَحَّى أَحَدُهُمْ، فَيُصَلِّي حَتَّى يُوقِظَهُمْ لِرَحِيلِهِمْ،
وَالرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْجَارُ يُؤْذِيهِ جِوَارُهُ،
فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ ظَعْنٌ»

رواه أحمد.
فالذي قام إنما قام في حال تكون فيها الغفلة فأصاب فضلاً عظيماً بذلك.

السبب الثاني لإكثار النبي صلى الله عليه وسلم الصوم في شعبان:
أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى.
والأعمال ترفع كل يوم وكل عام.
ففي شعبان ترفع الأعمال كما أخير نبينا صلى الله عليه وسلم.
وفي كل يوم ترفع. فقد ثبت في صحيح مسلم، عَنْ أَبِي مُوسَى t
قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ([5])
فَقَالَ: «إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ،
يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ،
حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ».

قال النووي رحمه الله:
"قيل: المراد بالقسط: الرزق الذي هو قسط كل مخلوق،
يخفضه فيقتره ويرفعه فيوسعه، والله أعلم"([6]).

فحري بالمسلم أن يكثر من الصيام في هذا الشهر،
ولله در القائل:
مضى رجب وما أحسنت فيه --- وهذا شهر شعبــان المبارك
فيامن ضيع الأوقات جـهلاً --- بحرمتها أفق واحـذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قـسراً --- ويخلي الموت كرهاً منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا --- بتوبة مخلص واجعـل مدارك
على طلب السلامة من جحيم --- فخير ذوي الجرائم من تدارك

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


أحاديث لا تثبت في ليلة النصف.

منها:
«إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها».
«يا علي من صلى ليلة النصف من شعبان مئة ركعة بألف قل هو الله أحد
قضى الله له كل حاجة طلبها تلك الليلة».

«من قرأ ليلة النصف من شعبان ألف مرة قل هو الله أحد بعث الله إليه مئة ألف ملك يبشرونه».
«من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه في يوم تموت القلوب».

هل ليلة النصف من شعبان
هي الليلة المباركة في الدخان؟

من الخطأ أن يعتقد الإنسان أن الليلة المذكورة في الآية:
}إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ{ [الدخان/3]. هي ليلة النصف من شعبان،
فلقد دل القرآن الكريم على أنّ نزول القرآن كان في ليلة القدر،
قال تعالى: } إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{ [القدر:1] ،
وليلة القدر ليست في شعبان، وإنما في رمضان،
لقول الرحيم الرحمن:
} شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
{ [البقرة:185].

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
تخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة.

من السلف –كما ذكر ابن تيمية والهيتمي – من كان يعظم ليلة النصف من شعبان،
ويجتهد فيها، ومنهم من نهى عن ذلك، قال الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى:
" وأما الصَّلَاةِ الْمَخْصُوصَةِ لَيْلَتهَا – ليلة النصف -
وَقَدْعَلِمْت أَنَّهَا بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ مَذْمُومَةٌ يُمْنَعُ مِنْهَا فَاعِلُهَا،
وَإِنْ جَاءَ أَنَّ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ
كَمَكْحُولٍ وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَلُقْمَانَ وَغَيْرِهِمْ
يُعَظِّمُونَهَا وَيَجْتَهِدُونَ فِيهَا بِالْعِبَادَةِ، وَعَنْهُمْ أَخَذَ النَّاسُ مَا ابْتَدَعُوهُ فِيهَا
وَلَمْ يَسْتَنِدُوا فِي ذَلِكَ لِدَلِيلٍ صَحِيحٍ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ أَنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَنَدُوا بِآثَارٍ إسْرَائِيلِيَّةٍ
وَمِنْ ثَمَّ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَكْثَرُ عُلَمَاء الْحِجَازِ كَعَطَاءٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
وَفُقَهَاء الْمَدِينَة وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: وَذَلِكَ كُلُّهُ بِدْعَةٌ؛
إذْ لَمْ يَثْبُت فِيهَا
شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ"([8]).
ومن آداب القرآن ما جاء في قول الرحمن: }
فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{

[النساء:59].
فرددنا هذه المسألة إلى كتاب الله وسنة رسوله،
فوجدنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الأمر المحدث،
والمحدث ما لا دليل فيه، قال صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»
رواه البخاري ومسلم.
فلا يشرع أن يخص المرء ليلة النصف من شعبان بصلاة وقيام،
ولا يومها بصيام،
ففرق بين فعل العبادة، وبين تخصيصها بزمان أو مكان،
قال رسولنا عليه الصلاةوالسلام مؤصلا ذلك:
«لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي،
وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ،
إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ»

رواه مسلم.
أما الدعاء فقد ثبت ما يدل على مشروعية الإكثار منه فيها.

لا صيام بعد النصف من شعبان.

فقد قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:
« إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا»
رواه أبو داود.
وقد ذهبت طائفة من أهل لعلم إلى أنَّ هذا الحديث لا يصح،
منهم الإمام أحمد رحمه الله،
وممن صححه من قال بأنّ النهي للكراهة،
وليس للتحريم، وتستثنى هذه الصور من الكراهة:
الأولى:
من اعتاد أن يصوم صوماً صام ولو انتصف شعبان،
والدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم،
قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:
«لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ،
إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ»

رواه البخاري ومسلم.

الثانية:

من أراد أن يصوم معظم شعبان
كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثالثة:
من كان عليه قضاء أو صوم واجب،
فلا خلاف في وجوب صومه ولو انتصف شعبان.

ومن الأحكام التي نحتاج إلى التعرف عليها
إذا انتصف شعبان مسألتان:

الأولى:
أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الشك،
وهو الثلاثين من شعبان،

قال عمارٌ رضي الله عنه: "مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
رواه البخاري.
ويوم الشك هوالثلاثون من شعبان،
وهو اليوم الذي يُشكُّ فيه هل هو من رمضان أم من شعبان؛
لغيم ونحوه..
الثانية:
على كل مسلم أن يصوم مع دولته وأن يعتدَّ بتقويمها،
فهذا هو رأي المحققين من أهل العلم في هذا الزمان،


أسأل الله أن يجمع على الحق كلمة المسلمين.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

-------------------

[1]/ فتح الباري (4/213).
[2] / سنن الترمذي (3/114).
[3] / فيض القدير (4/122).
[4] / شرح مسلم للنووي (18/88).
[5] / تتبع الفاصلة لتعرف عدَّها.
[6] / شرح النووي على صحيح مسلم (3/13).
[7] / الفتاوى الفقهية الكبرى، للهيتمي رحمه الله، دار الفكر (2/80).
[8] / الفتاوى الفقهية الكبرى (2/80).

مع الشكر لشبكة رياض السنة

يتبع


التعديل الأخير تم بواسطة هيفولا ; 06-23-2012 الساعة 08:09 AM
رد مع اقتباس