( فتح الباري بشرح صحيح البخاري )
قوله : ( وَ الْحَيَاءُ ) :
وَ هُوَ فِي اللُّغَة :
تَغَيُّر وَ انْكِسَار يَعْتَرِي الْإِنْسَان مِنْ خَوْف مَا يُعَاب بِهِ ،
وَ قَدْ يُطْلَق عَلَى مُجَرَّد تَرْك الشَّيْء بِسَبَبٍ ،
وَ التَّرْك إِنَّمَا هُوَمِنْ لَوَازِمه .
و في الشرع :
خُلُق يَبْعَث عَلَى اِجْتِنَاب الْقَبِيح ، وَ يَمْنَع مِنْ التَّقْصِير فِي حَقّ ذِي الْحَقّ
وَ لِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر " الْحَيَاء خَيْركُلّه " .
و قَدْ يَكُون غَرِيزَة وَ قَدْ يَكُون تَخَلُّقًا ،
وَ لَكِنَّ اِسْتِعْمَاله عَلَى وَفْق الشَّرْع يَحْتَاج إِلَى اِكْتِسَاب وَ عِلْم وَ نِيَّة ،
فَهُوَ مِنْالْإِيمَان لِهَذَا ، وَ لِكَوْنِهِ بَاعِثًا عَلَى فِعْل الطَّاعَة
وَ حَاجِزًا عَنْ فِعْل الْمَعْصِيَة .
وَ لَا يُقَال : رُبَّ حَيَاء عَنْ قَوْل الْحَقّ أَوْ فِعْل الْخَيْر ;
لِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ شَرْعِيًّا .
و أُفْرِدَ الْحَيَاءُ بِالذِّكْرِ هُنَا لأَنَّهُ كَالدَّاعِي إِلَى بَاقِي الشُّعَب ،
إِذْ الْحَيّ يَخَاف فَضِيحَة الدُّنْيَا وَ الْآخِرَة فَيَأْتَمِر وَ يَنْزَجِر .
*******************************