ما حكم التهنئة بدخول شهر رمضان بلفظ : (كل عام وأنت بخير) ؟ .
ليس للتهنئة بدخول شهر رمضان لفظ معين لا ينبغي للمسلم أن يتعداه إلى
غيره ، فيجوز التهنئة بأي لفظ اعتاده الناس مثل : ( كل عام وأنتم بخير)
ونحو ذلك من الألفاظ التي ليس فيها محظور شرعي .
أعيش في بريطانيا وكثيراً ما يسألني غير المسلمين
لماذا يصوم المسلمون ؟ فماذا أقول لهم ؟.
نصوم – نحن المسلمين- شهر رمضان لأن الله تعالى أمرنا بذلك ،
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {
فنحن نتعبد لله تعالى بهذه العبادة المحبوبة إلى الله تعالى ،
والمؤمن يبادر إلى امتثال أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم
} إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ
أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {
} وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً {
"من حكمة الله عز وجل ، أن الله نوع العبادات في التكليف ؛ ليختبر
المكلف كيف يكون امتثاله لهذه الأنواع ، فهل يمتثل ويقبل ما يوافق طبعه
، أو يمتثل ما به رضا الله عز وجل ؟ فإذا تأملنا العبادات الخمس :
الشهادة والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج وجدنا أن بعضها بدني
محض ، وبعضها مالي محض ، وبعضها مركب ، حتى يتبين الشحيح من
الجواد ، فربما يهون على بعض الناس أن يصلي ألف ركعة ، ولا يبذل
درهما ، وربما يهون على بعض الناس أن يبذل ألف درهم ولا يصلي
فجاءت الشريعة بالتقسيم والتنويع حتى يعرف من يمتثل تعبدا لله ،
فالصلاة مثلا عبادة بدنية محضة وما يجب لها مما يحتاج إلى المال كماء
الوضوء الذي يشتريه الإنسان ، والثياب لستر العورة تابع ، وليس داخلا
والزكاة : مالية محضة ، وما تحتاج إليه من عمل بدني كإحصاء المال
وحسابه ، ونقل الزكاة إلى الفقير والمستحق فهو تابع ،
وليس داخلا في صلب العبادة .
والحج : مركب من مال وبدن إلا في أهل مكة فقد لا يحتاجون إلى المال ،
لكن هذا شيء نادر ، أو قليل بالنسبة لغير أهل مكة .
والجهاد في سبيل الله : مركب من مال وبدن ، ربما يستحق المال
والتكليف أيضا ينقسم إلى : كف عن المحبوبات ،
وإلى بذل للمحبوبات ، وهذا نوع من التكليف أيضا .
كف عن المحبوبات مثل : الصوم ، وبذل للمحبوبات كالزكاة ؛
لأن المال محبوب إلى النفس ، فلا يبذل المال المحبوب إلى النفس
وكذلك الكف عن المحبوبات ، وربما يهون على المرء أن ينفق ألف درهم
، ولا يصوم يوما واحدا أو بالعكس"
اهـ قاله الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/190).
لتشريع الصيام حكم عظيمة سبق ذكر بعضها في إجابة السؤال
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن الحكمة من إيجاب الصوم ؟
إذا قرأنا قول الله عز وجل :
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {
عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم ، وهي التقوى والتعبد لله سبحانه
وتعالى، والتقوى هي ترك المحارم وهو عند الإطلاق تشمل فعل المأمور
به وترك المحظور ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )
راجع السؤال رقم (37658) ، (37989) .
وعلى هذا يتأكد على الصائم القيام بالواجبات وكذلك اجتناب المحرمات
من الأقوال والأفعال ، فلا يغتاب الناس ولا يكذب ، ولا ينم بينهم ، ولا يبيع
بيعا محرما ، ويجتنب جميع المحرمات ، وإذا فعل الإنسان ذلك في شهر
كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام . ولكن المؤسف أن كثيرا من
الصائمين لا يفرقون بين يوم صومهم ويوم فطرهم فهم على العادة التي
هم عليها من ترك الواجبات وفعل المحرمات ، ولا تشعر أن عليه وقار
الصوم ، وهذه الأفعال لا تبطل الصوم ، ولكن تنقص من أجره ،
وربما عند المعادلة ترجح على أجر الصوم فيضيع ثوابه اهـ .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 451) .