أنفاس الحمد
لنجدد اتفاقنا أن نتسامى عن كل ما يخدش نقائنا
لنصل سويا إلى أرقى حالات السمو الإنساني
و العلو الروحي
و اليوم نسير على الخُطا التي رسمناها سويا
لنحلق سويا
مع أعظم آية في السمو الروحي
فلننطلق
(الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
حسنا إنها هي .. هي ذاتها .. الآية التي نمر عليها
مسرعين و متجاهلين وناسين و غافلين أيضا
هي ذاتها
الآية التي نحرم أنفسنا من التحليق معها في كل ركعة
إقرائها بقلبك
حلق معها
(الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
رتل وكرر
لا يهم إن كان صوتك جميلا أم لا
دعك من هذا
أنا أريدك أن تكررها حتى تشعر أنها قد سرت بك مسرى الدم
لأنها بحق تستحق ذلك
(الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
يقول ابن القيم:
( فالعبد لو استنفد أنفاسه كلها في حمده على نعمة من نعمه
كان ما يجب له من الحمد ويستحقه فوق ذلك وأضعاف )
نعم والله
سأعيد وأقرأ بقلبك
( كان ما يجب له من الحمد ويستحقه فوق ذلك وأضعاف )
- لله درك يا ابن القيم -
حسنا ما رأيكم أن نتمعن سويا
في قصة فتاة سبقتنا بالتحليق مع هذه الآية
هي فتاة عظيمة .. نتعلم منها جميعا (كيف يكون الحمد)
يحدثنا عنها د.ياسر بكار في كتابه ( القرار بين يديك )
- وهو طبيب نفسي متخصص-
حيث يروي بتعجب قصة فتاة الإحساء ذات 29ربيعا
و أنقلها لكم ببعض إيجاز
يقول د. ياسر :
( زهرة .. فتاة بدأت العلاج منذ فترة طويلة بسبب مشكلة في النوم و قد تحسنت بشكل ملحوظ
كالعادة كنت أقلب ملفها الكبير بين يدي و أنا أسأل الأسئلة الروتينية
لمحت أثناء تقليبي لصفحات ملفها أنها تتابع في عيادة أمراض الدم.
فسألتها عن ذلك ,
فأعلمتني أنها مصابة ( بفقر الدم المنجلي) و ( الثلاسيميا )
و (أنيميا الفول) في نفس الوقت
- وهذا تصادف نادر –
وتابعت هي : لكن الحمد لله آخذ الدواء و أموري بخير
قلت : الحمد لله
أوه أنت تأخذين دواء لفشل القلب أيضا ؟
هي : نعم,نعم .. أصبت بفشل القلب السنة الماضية
بسبب هجمة تحلل للدم ,ودخلت العناية المركزة
لكن الأمور الآن بخير
ربما أتعب قليلا عندما أسير لمسافة طويلة لكني بخير .
أنا : الحمد لله على السلامة
ثم تابعت : وهذا تقرير لمنظار المعدة ..ماعلاقة منظار المعدة بالقلب ؟!!
لم أنتظر جوابها بل نظرت إلى تفاصيل التقرير في الحاسوب
يذكر التقرير أنها مصابه بفتحة كبيرة نسبيا في (الحجاب الحاجز )
مما أدى إلى إنزلاق جزء من المعدة نحو الصدر
وحدوث ارتجاع أحماض المعدة نحو المريء!!
أنا : أأأممممم .. هذا يعني أنك تشكين من حموضة و حرقان ؟!!
هي : بعض الحموضة ,
ومع تجنب بعض المأكولات أصبحت الأمور تمام و الحمد لله
أنا : أوه جيد
- أخذت شهيقا عميقا فقد وفرت علي عناء العلاج النفسي
لدعمها أمام كل هذه المعاناة –
قبل أن أغلق صفحات ملفاتها .. كأني لمحت شيئا عن (أنبوب أنفي مِعدي)
وما كان علي إلا سؤال صاحبة الشأن
هي : نعم فأنا أعاني من صعوبة البلع منذ أربع سنوات .
وقد إختلف الأطباء في تفسير ذلك
وعلى كلٍ .. الأمور بخير
فأنا آكل عن طريق هذا الأنبوب منذ سنوات و أغير الأنبوب كل شهر
- لم ألحظ الأنبوب من البداية لأنها تغطي وجهها –
صمتت لبرهة
لم أصدق ما سمعت .
كل ذلك يحدث لفتاة في العشرينات من عمرها .
ثم تجلس بكل هدوء وطمأنينة وسلام ..
هي : أود أن أريك الموعد الذي أعطوني إياه العيادة النفسية ولم أستطع أن آتي ..
- وبدأت تفتش في شنطتها الصغيرة حيث تبعثرت الأوراق
فلمحت ورقة موعد غير الأوراق المعتادة لعيادتنا -
أنا : ما هذه الورقة يا زهرة؟!
هي : ايوه هذه ورقة موعد لعيادة العيون
أنا عيادة العيون !!!
هي : نعم فقد حدث لي نزيف في الشبكية منذ سنتين
لكني الآن بخير
حيث أرى بشكل جيد
لكن هناك بعض الغبش كما أنني أرى الشيء شيئين
- إنعقد لساني .. لم أصدق .. تأكدت من الملف ثانية .. نعم إنها كذلك
أنا : زهرة من أين لك كل هذه القوة ؟!!
قالت : بقراءة القرآن وذكر الله ..
إذا مادام لساني قادر على ذكر الله وحمده وشكره على نعمه الكثيرة
فأنا على خير ما يرام..
قلت : زهرة إياك أن تضعفي ..كوني مثالا لغيرك ..أروع مثال ..
ولا تحرمينا من معين روحك الصافي
لعلنا نصل إلى مراتبك العالية )
( فقر دم منجلي) و ( ثلاسيميا) و (أنيميا الفول) و(فشل القلب)
و (فتحة كبيرة في الحجاب الحاجز) و (صعوبة البلع منذ أربع سنوات) و (أكل من أنبوب أنفي)
و (نزيف في الشبكية منذ سنتين) و (غبش في الرؤية) وتأتي الإجابة الثابتة .. الكاشفة عن السر :
( بقراءة القرآن وذكر الله ..
إذا مادام لساني قادر على ذكر الله وحمده وشكره على نعمه الكثيرة
فأنا على خير ما يرام )
من أكون أنا .. لأزيد على ما قالت ( زهرة)
حسبنا ماختم به د.ياسر الحكاية :
( عندما تستيقظ صباح الغد .. قف أمام المرآة .. وخذ شهيقا عميقا .. وأحمد الله)
كتبته هند عامر
موقعها.