عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-15-2010, 12:33 PM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

أيها الإخوة ، عدلٌ في كل ميدان ، و قسط يكفل الحق للناس كل الناس


و لو كان من غير المسلمين و الأعداء المناوئين :


(( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاء بِٱلْقِسْطِ


وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ))


[المائدة:8] .


هذا هو العدل العالمي الذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم


منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان ،


عدلٌ يتم فيه ضبط النفس و التحكم في المشاعر.


إنه القمة العليا و المرتقى الصعب الذي لا يبلغه إلا من


رضي بالله ربًا ، و بالإسلام دينًا ، و بمحمدٍ صلى الله عليه و سلم نبيًا و رسولاً ،


و بدينه دستورًا و حكمًا . إنه عدل محمد عليه أفضل الصلاة و السلام ،


مكيالٌ واحدٌ و ميزانٌ واحدٌ .


و لقد انتظر بكم الزمان ـ أيها الأخوة ـ و طالت بكم الحياة حتى رأيتم


أممًا آتاها الله بسطة في القوة و السيطرة فما أقامت عدلاً ،


و لا حفظت حقًا، ويلٌ لهم و ما يطففون ، إذا اكتالوا لأنفسهم يستوفون ،


و إذا كالوا لغيرهم أو وزنوهم يخسرون .


و لكن هدي محمد صلى الله عليه و سلم يأبى إلا الحق :


(( وَقُلْ ءامَنتُ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَـٰبٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ))


[الشورى:15] .


إن الأمة لا تصل إلى هذا القدر من السمو و نصب ميزان العدل إلا حينما


تكون قائمةً بالقسط لله خالصةً مخلصة ، قد تلبست بلباس التقوى :


(( ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ))


[المائدة:8].


و العدل ـ أيها الأخوة ـ كما يكون في الأعمال و الأموال فهو مطلوب


في الأقوال و الألفاظ :


(( وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ))


[الأنعام:152] .


و لعل العدل في الأقوال أدق و أشق . وصاحب اللسان العدل يعلم


أن الله يحب الكلام بعلم و عدل ، و يكره الكلام بجهلٍ و ظلم :


(( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْىَ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ


وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ))


[الأعراف:33] .


تأملوا هذا الإنصاف النبوي في القول حينما أعلن النبي عليه الصلاة و السلام


حكمه على كلمة قالها شاعر حال كفره حين قال عليه الصلاة و السلام :


(( أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل )) .


ثم ها هو صاحبه عثمان بن مظعون رضي الله عنه يسمع البيت كاملاً ؛


فيترسم النهج نفسه في التقويم و العدل فُيحق الحق و يقول القسط ،


فقال في شطره الأول صدقْتَ ،


و لما قال الشطر الثاني : ( و كل نعيم لا محالة زائل )


قال : كذبت ، نعيم الجنة ليس بزائل .


و هذا علي رضي الله عنه يقاتل من خرج عليه ،


فلما سئل عنهم : أمشركون هم ؟


قال : هم من الشرك فروا .


قيل : أفمنافقون هم ؟


قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً .


قيل: فما هم يا أمير المؤمنين ؟


قال: هم إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ببغيهم .


و من لغير هذا العدل من القول غير أبي الحسن رضي الله عنه


و عن ذريته الطيبين الطاهرين ؟! و هل بعد هذا الإنصاف من إنصاف ؟!


أيها الأخوة ، إذا ساد العدل حُفظت الحقوق ،


و نصر المظلوم و ولت الهموم ، و أدبرت الغموم .


أما حينما يتجافى الناس عن العدل و يقعون في حمأة الظلم ينبت فيهم


الحقد و القطيعة و الفرقة و ذهاب الريح .


من تجافى عن العدل دخل دائرة الظلم ، يأخذ و لا يعطي ، و يطلب و لا يبذل ،


يأخذ الذي يستحق ، و يمتنع عما يحق ، تغلبه مسالك المنافقين :


(( قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقّ ظَنَّ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ))


[آل عمران:154] ،


(( وَإِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ *


وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُواْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ))


[النور:48، 49] .


إن الحَيْف و سلب الحقوق و إهدار الكرامات مبعث الشقاء و مثار الفتن .


إن قومًا يفشو فيهم الظلم و التظالم ، و ينحسر عنهم الحق و العدل


إما أن ينقرضوا بفساد ، و إما أن يتسلط عليهم جبروت الأمم يسومونهم خسفًا ،


و يستبدون بهم عسفًا ، فيذوقون من مرارة العبودية و الإستذلال


ما هو أشد من مرارة الانقراض و الزوال . إن الظلم خراب العمران ،


و خراب العمران خراب الأمم و الدول .


اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب و الشهادة ، و كلمة الحق في الغضب و الرضا ،


و نسألك القصد في الفقر و الغني ، و نسألك الرضا بعد القضاء ،


و نسألك برد العيش بعد الموت


و نسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة ،


اللهم زينا بزينة الإيمان ،


و أجعلنا هداةً مهتدين أستجب اللهم يا رب العالمين .



ألا فاتقوا الله معاشر المسلمين، و أستغفروا ربكم إنه كان غفاراً .


نفعني الله و إياكم بالقرآن العظيم ، و بما فيه من الآيات و الذكر الحكيم ،


أقول قولي هذا ، و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كل ذنب و خطيئة ،


فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



الحمد لله شمل الأنام بواسع رحمته ، و صرَّف العالم ببالغ حكمته ،


لا يشغله شأنٌ عن شأن و هو الحكيم الخبير .


أحمده سبحانه و أشكره و أتوب إليه و أستغفره ،


و أشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له ،


و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدًا عبده و رسوله ، أصدق الناس في الأقوال ،


و أجملهم في الأفعال ، و أعدلهم في الأحكام ،


صلى الله و سلم و بارك عليه وعلى آله و صحبه خير صحبٍ و آل ،


و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم المآل .


أمـــا بعـــد :


فاتقوا الله أيها الناس ، و أستقيموا إليه و أستغفروه ،


و أعدوا من الأعمال الصالحة ما يقربكم زلفى لديه .


أيها الإخوة ، و كما يكون العدل في الأبعدين فهو في الأهلين و الأقربين حق و حتم .


و أحق الناس بالعدل أبناؤك . فمن ابتغى بر أبنائه و بناته يحبونه في حياته


و يترحمون عليه بعد مماته و تصفو قلوبهم فيما بينهم فليتق الله


و ليقم العدل فيما بينهم ، يساوي بينهم في العطية و المعاملة و النظرة و الإبتسامة .


و ليتق الله أولئك الذين يحرمون بعض المستحقين من الذرية في عطية أو وصية


فذلك حرام و جور و ظلم ، و الوصية به وصية ظلم و جنف ،


مخالفة للعدل و الحق لا يجوز نفاذها ، فتلك أفعالٌ شنيعة ، و ظلمٌ مهلك ،


تقوم به الخصومات ، و تثور به الأحقاد ، و تقع به المظالم ، و تتقطع به الأرحام .


عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه أن أباه


أتى به رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :


(( إني نحلت أبني هذا غلامًا كان لي .


فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :


أفعلت هذا بولدك كلهم ؟


قال : لا .


قال عليه الصلاة و السلام :


أتقوا الله و أعدلوا في أولادكم .


قال : فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة )) .


و في رواية :


(( إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم، فلا تُشهدني على جور )) ؛


(( أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ؟ قال : بلى . قال : فلا إذن )) ،


و في رواية أخرى :


(( سووا بين أولادكم في العطية كما تحبون أن يسووا بينكم في البر )) .


و العدل في المعاملات الزوجية فرضٌ و حقٌ واجبٌ


في النفقة و الكسوة و المعاملة و العشرة كما يفعل الكرماء


من ذوي العقل و الدين و المروءة و الكمال . تطعمها مما تطعم ، و تكسوها مما تكتسي .


و في الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه


أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :


(( من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة و شقه ساقط ))


و في رواية


(( و شقه مائل )) .


أيها الإخوة ، حينما تتشرب النفوس العدل فيكون سجية لها


فإنه يقودها إلى محاسن الأخلاق و مكارم المروءات ، عدل في السلوك كله ،


وسط بين الإفراط و التفريط، جود و سخاء من غير سرف و لا تقتير،


و شجاعة و قوة من غير جبن و لا تهور ،


و حلم و أناة من غير غضب ماحق أو مهانة مردية .


و كل تعامل فَقَدَ العدل فهو ضرر و إضرار ، و فساد و إفساد


(( وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى ٱلاْرْضِ مُفْسِدِينَ ))


[الشعراء:183] .


و في ديننا أيها الإخوة ، مرتبة فوق العدل قد أمر الله بها مقترنة بالعدل .


مرتبة تأتي لتجمل حدة العدل الصارم و وجهه الجازم الحازم ،


إنها مرتبة الإحسان حين تدع الباب مفتوحًا لمن يريد أن يتسامح في بعض حقوقه


إيثارًا لود القلب و شفاء غل الصدور ، ليداوي جرحًا ، و يكسب فضلاً ،


و يرتفع عند ربه درجاتٍ عُلا .



ألا فاتقوا الله رحمكم الله ، و أعدلوا في أقوالكم و أفعالكم ،


و أدوا الحقوق إلى أصحابها ، و أتقوا النار و لو بشق تمرة .


ثم صلوا و سلموا على الرحمة المهداة و النعمة المسداة


نبيكم محمد رسول الله ، فقد أمركم بذلك ربكم فى عُلاه


فقال في محكم تنزيله و هو الصادق في قيله :


( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً )


[ الأحزاب : 56 ] .


اللهم صلَّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك سيدنا و نبينا محمد ،


و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجه أمهاتنا أمهات المؤمنين ،


و أرض اللهم على الخلفاء الأربعة الراشدين أبى بكر و عمر و عثمان و على


و العشرة المبشرين و على سائر الصحابة و التابعين


و من سار على دربهم إلى يوم الدين


و عنا معهم بعطفك و جودك و كرمك يا أرحم الراحمين


اللهم أعز الإسلام و المسلمين و ............ ثم باقى الدعاء




اللهم أستجب لنا إنك أنت السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم أميـــــن
أنتهت

رد مع اقتباس